المغيرة كتابه وعد أصحابه أن يقرأ عليهم في زاوية من زوايا مسجد الكوفة، وكان له أخ مخالف، فلما أن حضروا لاستماع الكتاب جاء الأخ وقعد، قال: فقال لهم:
انصرفوا اليوم فقال الأخ: أين ينصرفون فاني أيضا جئت لما جاؤوا؟ قال فقال له: لما جاؤوا؟ قال: يا أخي أريت فيما يرى النائم أن الملائكة تنزل من السماء فقلت: لماذا ينزلون هؤلاء؟ فقال قائل: ينزلون يستمعون الكتاب الذي يخرجه عبد الله بن المغيرة فأنا أيضا جئت لهذا، وأنا تائب إلى الله، قال: فسر عبد الله بن المغيرة بذلك (1).
18 - اعلام الدين للديلمي: روي عن أبي حنيفة أنه قال: أتيت الصادق عليه السلام لأسأله عن مسائل فقيل لي: إنه نائم، فجلست أنتظر انتباهه فرأيت غلاما خماسيا أو سداسيا (2) جميل المنظر ذا هيبة وحسن سمت فسألت عنه فقالوا:
هذا موسى بن جعفر فسلمت عليه وقلت له: يا ابن رسول الله ما تقول في أفعال العباد ممن هي؟
فجلس ثم تربع وجعل كمه الأيمن على الأيسر وقال: يا نعمان قد سألت فاسمع، وإذا سمعت فعه، وإذا وعيت فاعمل، إن أفعال العباد لا تعدو من ثلاث خصال: إما من الله على انفراده، أو من الله والعبد شركة، أو من العبد بانفراده فان كانت من الله على انفراده فما باله سبحانه يعذب عبده على ما لم يفعله مع عدله ورحمته وحكمته، وإن كانت من الله والعبد شركة فما بال الشريك القوي يعذب شريكه على ما قد شركه فيه وأعانه عليه، قال: استحال الوجهان يا نعمان؟ فقال:
نعم، فقال له: فلم يبق إلا أن يكون من العبد على انفراده ثم أنشأ يقول:
لم تخل أفعالنا التي نذم بها * إحدى ثلاث خصال حين نبديها إما تفرد بارينا بصنعتها * فيسقط اللوم عنا حين نأتيها