الافطار، ولعل الأمير له عذر في ذلك أو علة توجب الافطار، فقال: ما بي علة توجب الافطار وإني لصحيح البدن، ثم دمعت عيناه وبكى.
فقلت له بعد ما فرغ من طعامه: ما يبكيك أيها الأمير؟ فقال: أنفذ إلي هارون الرشيد وقت كونه بطوس في بعض الليل أن أجب، فلما دخلت عليه رأيت بين يديه شمعة تتقد وسيفا أخضر مسلولا وبين يديه خادم واقف فلما قمت بين يديه رفع رأسه إلي فقال: كيف طاعتك لأمير المؤمنين؟ فقلت: بالنفس والمال، فأطرق ثم أذن لي في الانصراف.
فلم ألبث في منزلي حتى عاد الرسول إلي وقال: أجب أمير المؤمنين، فقلت في نفسي: إنا لله أخاف أن يكون قد عزم على قتلي وإنه لما رآني استحيا مني فعدت إلى بين يديه فرفع رأسه إلي فقال: كيف طاعتك لأمير المؤمنين؟ فقلت:
بالنفس والمال والأهل والولد، فتبسم ضاحكا، ثم أذن لي في الانصراف.
فلما دخلت منزلي لم ألبث أن عاد الرسول إلي فقال: أجب أمير المؤمنين فحضرت بين يديه وهو على حاله، فرفع رأسه إلي فقال: كيف طاعتك لأمير المؤمنين فقلت: بالنفس والمال والأهل والولد والدين فضحك، ثم قال لي: خذ هذا السيف وامتثل ما يأمرك به هذا الخادم.
قال: فتناول الخادم السيف وناولنيه وجاء بي إلى بيت بابه مغلق ففتحه فإذا فيه بئر في وسطه، وثلاثة بيوت أبوابها مغلقة ففتح باب بيت منها فإذا فيه عشرون نفسا عليهم الشعور والذوائب شيوخ وكهول وشبان مقيدون، فقال لي: إن أمير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء، وكانوا كلهم علوية من ولد علي وفاطمة عليهما السلام فجعل يخرج إلي واحدا بعد واحد فأضرب عنقه حتى أتيت على آخرهم، ثم رمى بأجسادهم ورؤوسهم في تلك البئر.
ثم فتح باب بيت آخر فإذا فيه أيضا عشرون نفسا من العلوية من ولد علي و فاطمة عليهما السلام مقيدون فقال لي: إن أمير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء، فجعل يخرج إلي واحدا بعد واحد فأضرب عنقه ويرمي به في تلك البئر، حتى أتيت على آخرهم