من الفتيا مدة طويلة، وأجمع على إنفاذ ما أراد في يحيى.
فروي عن رجل كان مع يحيى في المطبق قال: كنت منه قريبا فكان في أضيق البيوت وأظلمها، فبينا نحن ذات ليلة كذلك إذ سمعنا صوت الأقفال، وقد مضى من الليل هجعة، فإذا هارون قد أقبل على برذون له فوقف ثم قال: أين هذا؟ يعني يحيى قالوا: في هذا البيت قال: علي به فادني إليه فجعل هارون يكلمه بشئ لم أفهمه فقال: خذوه، فاخذ فضربه مائة عصا، ويحيى يناشده الله والرحم والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله ويقول: بقرابتي منك فيقول: ما بيني وبينك قرابة.
ثم حمل فرد إلى موضعه فقال: كم أجريتم عليه؟ قالوا: أربعة أرغفة وثمانية أرطال ماء قال: اجعلوه على النصف، ثم خرج ومكث ليالي ثم سمعنا وقعا فإذا نحن به حتى دخل، فوقف موقفه فقال: علي به فاخرج ففعل به مثل فعله ذلك، وضربه مائة عصا أخرى، ويحيى يناشده فقال: كم أجريتم عليه؟ قالوا:
رغيفين وأربعة أرطال ماء قال: اجعلوه على النصف، ثم خرج وعاود الثالثة، وقد مرض يحيى وثقل.
فلما دخل قال: علي به قالوا: هو عليل مدنف لما به، قال: كم أجريتم عليه؟ قالوا: رغيفا ورطلين ماء قال: اجعلوه على النصف ثم خرج، فلم يلبث يحيى أن مات فاخرج إلى الناس فدفن.
وعن إبراهيم بن رياح أنه بنى عليه أسطوانة بالرافقة (1) وهو حي.
وعن علي بن محمد بن سليمان أنه دس إليه في الليل من خنقه حتى تلف قال: وبلغني أنه سقاه سما.