أني لا أفعل ما لم أستأذنه.
فدخلت على أبي عبد الله فاستأذنته في إدخال هشام عليه، فأذن لي فيه، فقمت من عنده وخطوت خطوات، فذكرت رداءته وخبثه، فانصرفت إلى أبي عبد الله عليه السلام فحدثته رداءته وخبثه فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا عمر تتخوف علي؟ فخجلت من قولي، وعلمت أني قد عثرت، فخرجت مستحييا إلى هشام فسألته تأخير دخوله و أعلمته أنه قد أذن له بالدخول.
فبادر هشام فاستأذن ودخل، فدخلت معه، فلما تمكن في مجلسه، سأله أبو عبد الله عليه السلام عن مسألة فحار فيها هشام وبقي، فسأله هشام أن يؤجله فيها، فأجله أبو عبد الله عليه السلام فذهب هشام، فاضطرب في طلب الجواب أياما، فلم يقف عليه فرجع إلى أبي عبد الله عليه السلام فأخبره أبو عبد الله عليه السلام بها، وسأله عن مسائل أخرى فيها فساد أصله، وعقد مذهبه، فخرج هشام من عنده مغتما متحيرا قال: فبقيت أياما لا أفيق من حيرتي.
قال عمر بن يزيد: فسألني هشام أن أستأذن له على أبي عبد الله عليه السلام ثالثا فدخلت على أبي عبد الله فاستأذنت له فقال أبو عبد الله عليه السلام: لينتظرني في موضع سماه بالحيرة، لا لتقي معه فيه غدا إنشاء الله إذا راح إليها، فقال عمر: فخرجت إلى هشام فأخبرته بمقالته وأمره، فسر بذلك هشام واستبشر وسبقه إلى الموضع الذي سماه.
ثم رأيت هشاما بعد ذلك فسألته عما كان بينهما فأخبرني أنه سبق أبا عبد الله عليه السلام إلى الموضع الذي كان سماه له، فبينا هو إذا بأبي عبد الله عليه السلام قد أقبل على بغلة له، فلما بصرت به وقرب مني هالني منظره، وأرعبني حتى بقيت لا أجد شيئا أتفوه به، ولا انطلق لساني لما أردت من مناطقته ووقف علي أبو عبد الله مليا ينتظر ما أكلمه وكان وقوفه علي لا يزيدني إلا تهيبا وتحيرا، فلما رأى ذلك مني ضرب بغلته وسار حتى دخل بعض السكك في الحيرة، وتيقنت أن ما أصابني من هيبته لم يكن إلا من قبل الله عز وجل من عظم موقعه، ومكانه من