أنظر لهم فقال الشامي: فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم، ويرفع اختلافهم، ويبين لهم حقهم من باطلهم؟ قال هشام: نعم قال الشامي: من هو؟ قال هشام: أما في ابتداء الشريعة فرسول الله، وأما بعد النبي فغيره فقال الشامي: ومن هو غير النبي القائم مقامه في حجته؟ قال هشام: في وقتنا هذا؟ أم قبله؟ قال الشامي: بل في وقتنا هذا قال هشام: هذا الجالس - يعني أبا عبد الله عليه السلام - الذي تشد إليه الرحال ويخبرنا بأخبار السماء، وراثة عن أب عن جد فقال الشامي: وكيف لي بعلم ذلك؟
قال هشام: سله عما بدا لك قال الشامي: قطعت عذري فعلي السؤال.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أنا أكفيك المسألة يا شامي، أخبرك عن مسيرك و سفرك، خرجت في يوم كذا وكذا، وكان طريقك من كذا، ومررت على كذا، و مر بك كذا، فأقبل الشامي كلما وصف له شيئا من أمره يقول: صدقت والله.
ثم قال له الشامي: أسلمت لله الساعة، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: بل آمنت بالله الساعة، إن الاسلام قبل الايمان، وعليه يتوارثون، ويتناكحون، والايمان عليه يثابون، قال الشامي: صدقت فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنك وصي الأنبياء.
قال: فأقبل أبو عبد الله عليه السلام على حمران بن أعين فقال: يا حمران تجري الكلام على الأثر فتصيب، والتفت إلى هشام بن سالم فقال: تريد الأثر ولا تعرف ثم التفت إلى الأحوال فقال: قياس رواغ، تكسر باطلا بباطل، لكن باطلك أظهر، ثم التفت إلى قيس الماصر فقال: يتكلم وأقرب ما يكون من الخبر عن الرسول صلى الله عليه وآله أبعد ما يكون منه، يمزج الحق بالباطل، وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل، أنت والأحول قفازان، حاذقان، قال يونس بن يعقوب: وظننت والله أنه يقول لهشام قريبا مما قال لهما فقال: يا هشام لا تكاد تقع، تلوي رجليك إذا هممت بالأرض طرت، مثلك فليكلم الناس، اتق الزلة، والشفاعة من ورائك (1).
أقول: إنما أوردنا أحوال هشام في أبواب أحواله عليه السلام لاشتمالها على بعض أحواله عليه السلام، وقد مضى كثير من احتجاجات هشام في كتاب الاحتجاجات.