لا يخرج عليهما، فان هو خرج فعليه ألف بدنة ينحرها لدى رتاج الكعبة، ومماليكه كلهم أحرار، فخرج وجاء داره قال حميد بن مسلم: سمعت المختار يقول: قاتلهم الله ما أجهلهم وأحمقهم حيث يرون أني أفي لهم بأيمانهم هذه، أما حلفي بالله فإنه ينبغي إذا حلفت يمينا ورأيت ما هو أولى منها أن أتركها وأعمل الأولى وأكفر عن يميني، وخروجي خير من كفي عنهم، وأما هدي ألف بدنة فهو أهون علي من بصقة، وما يهولني ثمن ألف بدنة، وأما عتق مماليكي فوالله لوددت أنه استتب لي أمري من أخذ الثأر ثم لم أملك مملوكا أبدا ولما استقر في داره، اختلفت الشيعة إليه، واجتمعت عليه، واتفقوا على الرضا به، وكان قد بويع له وهو في السجن ولم يزل يكثرون وأمرهم يقوى ويشتد حتى عزل عبد الله بن الزبير الواليين من قبله، وهما عبد الله بن زيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة المذكورين، وبعث عبد الله بن مطيع واليا على الكوفة، والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة على البصرة، فدخل ابن مطيع إليها وبعث المختار إلى أصحابه فجمعهم في الدور حوله، وأراد أن يثب على أهل الكوفة فجاء رجل من أصحابه من شبام عظيم الشرف وهو عبد الرحمن بن شريح فلقي جماعة منهم سعد بن منقذ، وسعر بن أبي سعر الحنفي، والأسود الكندي وقدامة بن مالك الجشمي، وقد اجتمعوا، فقالوا له: إن المختار يريد الخروج بنا للاخذ بالثأر وقد بايعناه، ولا نعلم أرسله إلينا محمد ابن الحنفية أم لا؟ فانهضوا بنا إليه نخبره بما قدم به علينا، فان رخص لنا اتبعناه وإن نهانا تركناه، فخرجوا وجاؤا إلى ابن الحنفية فسألهم عن الناس فخبروه، وقالوا: لنا إليك حاجة قال:
سر أم علانية، قلنا: بل سر، قال: رويدا إذن، ثم مكث قليلا وتنحى ودعانا فبدأ عبد الرحمن بن شريح بحمد الله والثناء عليه وقال: أما بعد فإنكم أهل بيت خصكم الله بالفضيلة، وشرفكم بالنبوة، وعظم حقكم على هذه الأمة، وقد أصبتم بحسين مصيبة عمت المسلمين، وقد قدم المختار يزعم أنه جاء من قبلكم وقد دعانا