فإنكم لهم قاهرون ثم حمل ابن الأشتر - ره - يمينا فخالط القلب وكسرهم أهل العراق فركبوهم يقتلونهم، فانجلت الغمة وقد قتل عبيد الله بن زياد، وحصين بن نمير، وشرحبيل ابن ذي الكلاع، وابن حوشب، وغالب الباهلي، وعبد الله بن إياس السلمي وأبو الأشرس الذي كان على خراسان، وأعيان أصحابه لعنهم الله.
فقال ابن الأشتر لأصحابه: إني رأيت بعد ما انكشف الناس طائفة منهم قد صبرت تقاتل فأقدمت عليهم وأقبل رجل آخر في كبكبه كأنه بغل أقمر يغري الناس لا يدنو منه أحد إلا صرعه، فدنا مني فضربت يده فأبنتها وسقط على شاطئ نهر فسرقت يداه وعربت رجلاه فقتلته، ووجدت منه ريح المسك وأظنه ابن زياد فاطلبوه! فجاء رجل فنزع خفيه وتأمله فإذا هو ابن زياد لعنه الله على ما وصف ابن الأشتر، فاجتز رأسه واستوقدوا عامة الليل بجسده فنظر إليه مهران مولى زياد وكان يحبه حبا شديدا فحلف أن لا يأكل شحما أبدا فأصبح الناس فحووا ما في العسكر، وهرب غلام لعبيد الله إلى الشام، فقال له عبد الملك بن مروان: متى عهدك بابن زياد؟ فقال:
جال الناس فتقدم فقاتل وقال: ائتني بجرة فيها ماء فأتيته فاحتملها فشرب منها وصب الماء بين درعه وجسده، وصب على ناصية فرسه فصهل، ثم اقتحمه فهذا آخر عهدي به.
قال: وبعث ابن الأشتر برأس ابن زياد إلى المختار وأعيان من كان معه فقدم بالرؤس والمختار يتغدى، فألقيت بين يديه، فقال: الحمد لله رب العالمين وضع رأس الحسين بن علي عليه السلام بين يدي ابن زياد وهو يتغدى، واتيت برأس ابن زياد وأنا أتغدى، قال: وانسابت حية بيضاء تخلل الرؤس حتى دخلت في أنف ابن زياد وخرجت من اذنه ودخلت من اذنه وخرجت من أنفه، فلما فرغ المختار من الغداء قام فوطأ وجه ابن زياد بنعله، ثم رمى بها إلى مولى له وقال: اغسلها فاني وضعتها على وجه نجس كافر.
وخرج المختار إلى الكوفة، وبعث برأس ابن زياد، ورأس حصين بن نمير