له عبد الله بن سعد: إن قتلة الحسين كلهم بالكوفة، منهم عمر بن سعد ورؤس الأرباع وأشراف القبائل وليس بالشام سوى عبيد الله بن زياد؟ فلم يوافق إلا على المسير فخرج عشية الجمعة لخمس مضين من شهر ربيع الاخر كما ذكرنا فباتوا بدير الأعور، ثم سار فنزل على أقساس بني مالك على شاطئ الفرات، ثم أصبحوا عند قبر الحسين عليه السلام فأقاموا يوما وليلة يصلون ويستغفرون ثم ضجوا ضجة واحدة بالبكاء والعويل فلم ير يوم أكثر بكاء فيه، وازدحموا عند الوداع على قبره كالزحام على الحجر الأسود، وقام في تلك الحال وهب بن زمعة الجعفي باكيا على القبر وأنشد أبيات عبيد الله بن الحر الجعفي:
تبيت النشاوى من أمية نوما * وبالطف قتلى ما ينام حميمها وما ضيع الاسلام إلا قبيلة * تأمر نوكاها ودام نعيمها وأضحت قناة الدين في كف ظالم * إذا اعوج منها جانب لا يقيمها فأقسمت لا تنفك نفسي حزينة * وعيني تبكي لا يجف سجومها حياتي أو تلقى أمية خزية * يذل لها حتى الممات قرومها وكان مع الناس عبد الله بن عوف الأحمر على فرس كميت يتأكل تأكلا (1) وهو يقول:
خرجن يلمعن بنا أرسالا * عوابسا قد تحمل الأبطالا نريد أن نلقى بها الأقيالا * الفاسقين الغدر الضلالا وقد رفضنا الأهل والأموالا * والخفرات البيض والحجالا (2) نرجو به التحفة والنوالا * لنرضي المهيمن المفضالا فساروا حتى أتوا هيت، ثم خرجوا حتى انتهوا إلى قرقيسا، وبلغهم أن