الأسد يأكل من هذه الجثث أم لا؟
فلما صار عند غروب الشمس وإذا به أقبل فحققته وإذا هو هائل المنظر فارتعدت منه، وخطر ببالي: إن كان مراده لحوم بني آدم فهو يقصدني، وأنا أحاكي نفسي بهذا فمثلته وهو يتخطى القتلى حتى وقف على جسد كأنه الشمس إذا طلعت فبرك عليه فقلت يأكل منه وإذا به يمرغ وجهه عليه، وهو يهمهم ويدمدم، فقلت:
الله أكبر، ما هذه إلا أعجوبة، فجعلت أحرسه حتى اعتكر الظلام (1) وإذا بشموع معلقة ملأت الأرض، وإذا ببكاء ونحيب ولطم مفجع، فقصدت تلك الأصوات فإذا هي تحت الأرض ففهمت من ناع فيهم يقول: وا حسيناه! وا إماماه! فاقشعر جلدي فقربت من الباكي وأقسمت عليه بالله وبرسوله من تكون؟ فقال: إنا نساء من الجن فقلت: وما شأنكن؟ فقلن: في كل يوم وليلة هذا عزاؤنا على الحسين الذبيح العطشان.
فقلت: هذا الحسين الذي يجلس عنده الأسد؟ قلن: نعم، أتعرف هذا الأسد؟
قلت: لا، قلن: هذا أبوه علي بن أبي طالب، فرجعت ودموعي تجري على خدي (2).
قال: ونقل أن سكينة بنت الحسين عليه السلام قالت: يا يزيد رأيت البارحة رؤيا إن سمعتها مني قصصتها عليك، فقال يزيد: هاتي ما رأيتي، قالت: بينما أنا ساهرة وقد كللت من البكاء بعد أن صليت ودعوت الله بدعوات، فلما رقدت عيني رأيت أبواب السماء قد تفتحت وإذا أنا بنور ساطع من السماء إلى الأرض، وإذا