ونعيم بن هبيرة في ثلاثمائة فارس وستمائة راجل، وقدم المختار يزيد بن أنس في موضع مسجد شبث في تسعمائة فقاتلوهم حتى أدخلوهم البيوت وقتل من الفريقين جمع، وقتل نعيم بن هبيرة، وجاء إبراهيم فلقي راشد بن إياس، ومعه أربعة آلاف فارس فقال إبراهيم لأصحابه: لا يهولنكم كثرتهم، فلرب فئة قليلة غلبت فئة كثيرة والله مع الصابرين.
فاشتد قتالهم، وبصر خزيمة بن نصر العبسي براشد وحمل عليه فطعنه فقتله ثم نادى خزيمة: قتلت راشدا ورب الكعبة، فانهزم القوم، وانكسروا وأجفلوا إجفال النعام، وأطلوا عليهم كقطع الغمام، واستبشر أصحاب المختار، وحملوا على خيل الكوفة، فجعلوا صفو حياتهم كدرا، وساقوهم حتى أوصلوهم إلى الموت زمرا، حتى أوصلوهم السكك، وأدخلوهم الجامع، وحصروا الأمير ابن مطيع ثلاثا في القصر، ونزل المختار بعد هذه الوقعة جانب السوق، وولى حصار القصر إبراهيم بن الأشتر.
فلما ضاق عليه وعلى أصحابه الحصار وعلموا أنه لا تعويل لهم على مكر ولا سبيل إلى مفر، أشاروا عليه أن يخرج ليلا في زي امرأة، ويستتر في بعض دور الكوفة، ففعل وخرج حتى صار إلى دار أبي موسى الأشعري فآووه، وأما هم فإنهم طلبوا الأمان فآمنهم، وخرجوا وبايعوه وصار يمنيهم ويستجر مودتهم ويحسن السيرة فيهم.
ولما خرج أصحاب ابن مطيع من القصر سكنه المختار، ثم خرج إلى الجامع وأمر بالنداء " الصلاة جامعة " فاجتمع الناس ورقى المنبر ثم قال: الحمد لله الذي وعد وليه النصر، وعدوه الخسر، وعدا مأتيا وأمرا مفعولا، وقد خاب من افترى أيها الناس،! مدت لنا غاية، ورفعت لنا راية، فقيل في الراية ارفعوها ولا تضيعوها وفي الغاية خذوها ولا تدعوها، فسمعنا دعوة الداعي، وقبلنا قول الراعي، فكم من باغ وباغية، وقتلى في الراعية، ألا فبعدا لمن طغى وبغى وجحد ولغى وكذب وتولى ألا فهلموا عباد الله إلى بيعة الهدى، ومجاهدة الأعداء، والذب عن الضعفاء من آل محمد المصطفى، وأنا المسلط على المحلين، المطالب بدم ابن نبي رب العالمين، أما