إلى الجبانة (1) في الليل عند مقتل الحسين عليه السلام فنسمع الجن ينوحون عليه فيقولون:
مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود * أبواه من عليا قريش وجده خير الجدود قال: ثم انفصلوا من كربلا طالبين المدينة، قال بشير بن حذلم: فلما قربنا منها نزل علي بن الحسين عليهما السلام فحط رحله، وضرب فسطاطه وأنزل نساءه وقال:
يا بشير! رحم الله أباك لقد كان شاعرا فهل تقدر على شئ منه؟ قلت: بلى يا ابن - رسول الله إني لشاعر قال: فادخل المدينة وانع أبا عبد الله، قال بشير: فركبت فرسي وركضت حتى دخلت المدينة فلما بلغت مسجد النبي صلى الله عليه وآله رفعت صوتي بالبكاء وأنشأت أقول:
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها * قتل الحسين فأدمعي مدرار الجسم منه بكربلاء مضرج * والرأس منه على القناة يدار قال: ثم قلت: هذا علي بن الحسين مع عماته وأخواته قد حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم، وأنا رسوله إليكم أعرفكم مكانه، فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة إلا برزن من خدورهن مكشوفة شعورهن مخمشة وجوههن، ضاربات خدودهن، يدعون بالويل والثبور، فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم ولا يوما أمر على المسلمين منه، وسمعت جارية تنوح على الحسين فتقول:
نعى سيدي ناع نعاه فأوجعا * وأمرضني ناع نعاه فأفجعا فعيني جودا بالدموع وأسكبا * وجودا بدمع بعد دمعكما معا على من دهى عرش الجليل فزعزعا * فأصبح هذا المجد والدين أجدعا على ابن نبي الله وابن وصيه * وإن كان عنا شاحط الدار أشسعا ثم قالت: أيها الناعي جددت حزننا بأبي عبد الله وخدشت منا قروحا لما تندمل، فمن أنت رحمك الله؟ فقلت: أنا بشير بن حذلم وجهني مولاي علي بن