مشمرا في محبة أهل البيت عن ساقيه، متلقيا راية النصح لهم بكلتا يديه، فجمع عشيرته وإخوانه وأهل مودته وأعوانه، وكان يتردد بهم إلى المختار عامة الليل، ومعه حميد بن مسلم الأزدي حتى تصوب النجوم، وتنقض الرجوم، وأجمع رأيهم أن يخرجوا يوم الخميس لأربع عشر ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة ست وستين وكان إياس بن مضارب صاحب شرطة عبد الله بن مطيع أمير الكوفة، فقال له: إن المختار خارج عليك لا محالة، فخذ حذرك ثم خرج إياس مع الحرس، وبعث ولده راشدا إلى الكناسة، وجاء هو إلى السوق وأنفذ ابن مطيع إلى الجبانات من شحنها بالرجال يحرسها من أهل الريبة، وخرج إبراهيم بعد المغرب إلى المختار ومعه جماعة عليهم الدروع وفوقها الأقبية وقد أحاط الشرط بالسوق والقصر، لقي إياس بن مضارب أصحاب إبراهيم وهم متسلحون، فقال: ما هذا الجمع؟ إن أمرك لمريب، ولا أتركك حتى آتي بك إلى الأمير، فامتنع إبراهيم ووقع التشاجر بينهم، ومع إياس رجل من همدان اسمه أبا قطن قال له إبراهيم: ادن مني لأنه صديقه فظن أنه يريد أن يجعله شفيعه في تخلية القوم وبيد أبي قطن رمح طويل فأخذه إبراهيم منه وطعن إياس بن مضارب في نحره فصرعه وأمرهم فاجتزوا رأسه وانهزم أصحابه وأقبل إبراهيم إلى المختار وعرفه ذلك فاستبشر وتفاءل بالنصر والظفر، ثم أمر باشعال النار في هرادي القصب وبالنداء " يا آل ثأرات الحسين " ولبس درعه وسلاحه، وهو يقول:
قد علمت بيضاء حسناء الطلل * واضحة الخدين عجزاء الكفل إني غداة الروع مقدام بطل * لا عاجز فيها ولا وغد فشل فأقبل الناس من كل ناحية وجاء عبيد الله بن الحر الجعفي في قومه وتقاتلوا قتالا عظيما، وشرد الناس ومن كان في الطرق والجبانات من أصحاب السلاح واستشعروا الحذر، وتفرقوا في الأزقة خوفا من إبراهيم وأشار شبث بن ربعي على الأمير ابن مطيع بالقتال، فعلم المختار فخرج في أصحابه حتى نزل دير هند مما يلي بستان زائدة في السبخة، ثم جاء أبو عثمان النهدي في جماعة أصحابه إلى