المظلومين، ويأخذ بثأر المستضعفين، ووصفوا صفته، فلم يذكروا صفة في الرجل إلا وهي في غير خصلتين: أنه شاب وقد جاوزت الستين، وأنه ردي البصر، وأنا أبصر من عقاب، فقال معبد: أما السن فان ابن ستين وسبعين عند أهل ذلك الزمان شاب، وأما بصرك فما تدري ما يحدث الله فيه لعله يكل، قال: عسى، فلم يزل على ذلك حتى مات معاوية وولى يزيد ووجه الحسين عليه السلام مسلم بن عقيل إلى الكوفة فأسكنه المختار داره وبايعه، فلما قتل مسلم - رحمه الله - سعي بالمختار إلى عبيد الله بن زياد فأحضره، وقال له: يا ابن عبيد أنت المبايع لأعدائنا فشهد له عمرو بن حريث أنه لم يفعل، فقال عبيد الله: لولا شهادة عمرو لقتلتك، وشتمه وضربه بقضيب في يده فشتر عينه، وحبسه وحبس أيضا عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب وكان في الحبس ميثم التمار - رحمه الله - فطلب عبد الله حديدة يزيل بها شعر بدنه وقال: لا آمن ابن زياد يقتلني، فأكون قد ألقيت ما على من الشعر، فقال المختار: والله لا يقتلك ولا يقتلني ولا يأتي عليك إلا قليل حتى تلي البصرة، فقال ميثم للمختار: وأنت تخرج ثائرا بدم الحسين، فتقتل هذا الذي يريد قتلنا، وتطأ بقدميك على وجنتيه ولم يزل ذلك يتردد في صدره حتى قتل الحسين عليه السلام كتب المختار إلى أخته صفية بنت أبي عبيد، وكانت زوجة عبد الله بن عمر، تسأله مكاتبة يزيد بن معاوية فكتب إليه فقال يزيد: نشفع أبا عبد الرحمن وكلمته هند بنت أبي سفيان في عبد الله بن الحارث، وهي خالته، فكتب إلى عبيد الله فأطلقهما بعد أن أجل المختار ثلاثة أيام ليخرج من الكوفة وإن تأخر عنها ضرب عنقه، فخرج هاربا نحو الحجاز حتى إذا صار بواقصة لقي الصقعب بن زهير الأزدي، فقال: يا أبا إسحاق مالي أرى عينك على هذه الحال؟ قال: فعل بي ذلك عبيد الله بن زياد، قتلني الله إن لم أقتله، واقطع أعضاءه ولأقتلن بالحسين عدد الذين قتلوا بيحيى بن زكريا وهم سبعون ألفا ثم قال: والذي أنزل القرآن، وبين الفرقان، وشرع الأديان، وكره العصيان، لأقتلن العصاة من أزد عمان، ومذحج وهمدان، ونهد وخولان
(٣٥٣)