وقال السيد: ثم أمر ابن زياد برأس الحسين عليه السلام فطيف به في سكك الكوفة ويحق لي أن أتمثل ههنا بأبيات لبعض ذوي العقول يرثي بها قتيلا من آل الرسول صلى الله عليه وآله فقال:
رأس ابن بنت محمد ووصيه * للناظرين على قناة يرفع والمسلمون بمنظر وبمسمع * لا منكر منهم ولا متفجع كحلت بمنظرك العيون عماية * وأصم رزؤك كل اذن تسمع ما روضة إلا تمنت أنها * لك حفرة ولخط قبرك مضجع أيقظت أجفانا وكنت لها كرى * وأنمت عينا لم يكن بك تهجع (1) قال: ثم إن ابن زياد صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال في بعض كلامه الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله، ونصر أمير المؤمنين وأشياعه، وقتل الكذاب ابن الكذاب فما زاد على هذا الكلام شيئا حتى قام إليه عبد الله بن عفيف الأزدي وكان من خيار الشيعة وزهادها وكانت عينه اليسرى ذهبت في يوم الجمل، والأخرى في يوم صفين، وكان يلازم المسجد الأعظم، فيصلي فيه إلى الليل، فقال: يا ابن مرجانة إن الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك، ومن استعملك وأبوه، يا عدو الله أتقتلون أبناء النبيين، وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المؤمنين؟
قال: فغضب ابن زياد ثم قال: من هذا المتكلم؟ فقال: أنا المتكلم يا عدو الله تقتل الذرية الطاهرة التي قد أذهب الله عنهم الرجس، وتزعم أنك على دين الاسلام؟ وا غوثاه أين أولاد المهاجرين والأنصار لا ينتقمون من طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين؟
قال: فازداد غضب ابن زياد حتى انتفخت أوداجه وقال: علي به، فبادر إليه الجلاوزة من كل ناحية ليأخذوه، فقامت الاشراف من الأزد من بني عمه فخلصوه من أيدي الجلاوزة وأخرجوه من باب المسجد وانطلقوا به إلى منزله فقال ابن زياد:
اذهبوا إلى هذا الأعمى أعمى الأزد، أعمى الله قلبه كما أعمى عينه، فائتوني به