حتى يميز الخبيث من الطيب " (1) فسمعها من تلك الخيل رجل يقال له: عبد الله ابن سمير، وكان مضحاكا وكان شجاعا بطلا فارسا شريفا فاتكا فقال: نحن ورب الطيبون ميزنا بكم، فقال له برير بن الخضير: يا فاسق أنت يجعلك الله من الطيبين؟
قال له: من أنت ويلك، قال: أنا برير بن الخضير فتسابا.
وأصبح الحسين فعبأ أصحابه بعد صلاة الغداة، وكان معه اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا، وقال محمد بن أبي طالب: وفي رواية أخرى اثنان وثمانون راجلا وقال السيد: روي عن الباقر عليه السلام أنهم كانوا خمسة وأربعين فارسا ومائة راجل وكذا قال ابن نما: وقال المفيد: فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه، وحبيب ابن مظاهر في ميسرة أصحابه، وأعطى رايته العباس أخاه، وجعلوا البيوت في ظهورهم وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت أن يترك في خندق كان قد حفر هناك، وأن يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم.
وأصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم وهو يوم الجمعة، وقيل يوم السبت فعبأ أصحابه، وخرج فيمن معه من الناس نحو الحسين، وكان على ميمنته عمرو بن الحجاج، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن، وعلى الخيل عروة بن قيس، وعلى الرجالة شبث بن ربعي وأعطى الراية دريدا مولاه، وقال محمد بن أبي طالب: وكانوا نيفا على اثنين وعشرين ألفا، وفي رواية عن الصادق عليه السلام ثلاثين ألفا قال المفيد: وروي عن علي بن الحسين أنه قال: لما أصبحت الخيل تقبل على الحسين عليه السلام رفع يديه وقال: اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من كرب يضعف عنه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت [فيه] العدو، أنزلته بك وشكوته إليك رغبة مني إليك عمن سواك ففرجته وكشفته، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة قال: فأقبل القوم يجولون حول بيت الحسين، فيرون الخندق في ظهورهم