على الميمنة فحمل مع أصحابه فكشف ميمنة عسكر معاوية ثم رجع وقد جرح، فقال له: العطش فقام إليه عليه السلام فسقاه جرعة من ماء ثم صب الماء بين درعه وجلده فرأيت علق الدم يخرج من حلق الدرع ثم أمهله ساعة ثم قال: شد في الميسرة فحمل مع أصحابه على ميسرة معاوية فكشفهم ثم رجع وبه جراحة، وهو يقول:
الماء الماء، فقام إليه ففعل مثل الأول ثم قال: شد في القلب، فكشفهم ثم رجع وقد أثقلته الجراحات وهو يبكي، فقام إليه فقبل ما بين عينيه وقال: فداك أبوك لقد سررتني والله يا بني، فما يبكيك أفرح أم جزع؟ فقال: كيف لا أبكي وقد عرضتني للموت ثلاث مرات فسلمني الله تعالى وكلما رجعت إليك لتمهلني فما أمهلتني، وهذان أخواي الحسن والحسين ما تأمر هما بشئ؟ فقبل عليه السلام رأسه وقال:
يا بني أنت ابني وهذان ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله أفلا أصونهما؟ قال: بلى يا أباه جعلني الله فداك وفداهما وإذا كان ذلك رأيه فكيف يخرج عن طاعته، ويعدل عن الاسلام بمخالفته مع علم محمد ابن الحنفية أن زين العابدين ولي الدم وصاحب الثأر، والمطالب بدماء الأبرار، فنهض المختار نهوض الملك المطاع، ومد إلى أعداء الله يدا طويلة الباع فهشم عظاما تغذت بالفجور، وقطع أعضاء نشأت على الخمور، وحاز إلى فضيلة لم يرق إلى شعاف شرفها عربي ولا أعجمي، وأحرز منقبة لم يسبقه إليها هاشمي وكان إبراهيم بن مالك الأشتر مشاركا له في هذه البلوى ومصدقا على الدعوى ولم يك إبراهيم شاكا في دينه، ولا ضالا في اعتقاده ويقينه، والحكم فيهما واحد وأنا أشرح بوار الفجار على يد المختار، معتمدا قانون الاختصار، وسميته ذوب النضار في شرح الثأر، وقد وضعته على أربع مراتب. والله الموفق لصواب، المكافي يوم الحساب