أنفر نفور العذراء من يد اللامس، وأردهم عن عمله فرقا من التعرض لذكره وإظهار مخفي سره ثم كشفت قناع المراقبة في إجابة سؤالهم، والانقياد لمرامهم، وأظهرت ما كان في ضميري، وجعلت نشر فضيلته أنيسي وسميري، لأنه به خبت نار وجد سيد المرسلين، وقرة عين زين أصحابنا مثله. زال السلف يتباعدون عن زيارته ويتقاعدون عن إظهار فضيلته، تباعد الضب عن الماء، والفراقد من الحصباء، ونسبوه إلى القول بامامة محمد ابن الحنفية، ورفضوا قبره، وجعلوا قربهم إلى الله هجره، مع قربه، وإن قبته لكل من خرج من باب مسلم بن عقيل كالنجم اللامع، وعدلوا من العلم إلى التقليد، ونسوا ما فعل بأعداء المقتول الشهيد، وأنه جاهد في الله حق الجهاد، وبلغ من رضا زين العابدين غاية المراد، ورفضوا منقبته التي رقت حواشيها وتفجرت ينابيع السعادة فيها وكان محمد ابن الحنفية أكبر من زين العابدين سنا ويرى تقديمه عليه فرضا ودينا ولا يتحرك حركة إلا بما يهواه، ولا ينطق إلا عن رضاه، ويتأمر له تأمر الرعية للوالي، ويفضله تفضيل السيد على الخادم والموالي، وتقلد محمد - ره - أخذ الثأر إراحة لخاطره الشريف، من تحمل الأثقال، والشد والترحال ويدل على ذلك ما رويته عن أبي بجير عالم الأهواز وكان يقول بإمامة ابن الحنفية، قال: حججت فلقيت إمامي وكنت يوما عنده فمر به غلام شاب فسلم عليه، فقام فتلقاه، وقبل ما بين عينيه وخاطبه بالسيادة ومضى الغلام وعاد محمد إلى مكانه، فقلت له: عند الله أحتسب عناي، فقال:، وكيف ذاك؟ قلت: لأنا نعتقد أنك الامام المفترض الطاعة تقوم تتلقى هذا الغلام، وتقول له يا سيدي؟ فقال: نعم، هو والله إمامي، فقلت:
ومن هذا؟ قال: علي ابن أخي الحسين، اعلم أني نازعته الإمامة ونازعني فقال لي: أترضى بالحجر الأسود حكما بيني وبينك؟ فقلت: وكيف نحتكم إلى حجر جماد؟ فقال: إن إماما لا يكلمه الجماد فليس بامام، فاستحييت من ذلك فقلت:
بيني وبينك الحجر الأسود، فقصدنا الحجر وصلى وصليت، وتقدم إليه وقال:
أسألك بالذي أودعك مواثيق العباد لتشهد لهم بالموافاة إلا أخبرتنا من الامام منا؟