وقتله فحسبوا ذلك فإذا هي تلك الليلة التي تكلم فيها المتكلم فقلت له: جعلت فداك إلى متى أنتم ونحن في هذا القتل والخوف والشدة؟ فقال: حتى مات سبعون فرخا أخو أب (1) ويدخل وقت السبعين (فإذا دخل وقت السبعين) أقبلت الآيات تترى كأنها نظام فمن أدرك ذلك قرت عينه إن الحسين لما قتل أتاهم آت وهم في المعسكر فصرخ فزبر فقال لهم: وكيف لا أصرخ ورسول الله قائم ينظر إلى الأرض مرة وينظر إلى حربكم مرة، وأنا أخاف أن يدعو الله على أهل الأرض فأهلك فيهم، فقال بعضهم لبعض: هذا انسان مجنون فقال التوابون: تالله ما صنعنا بأنفسنا؟ قتلنا لابن سمية سيد شباب أهل الجنة، فخرجوا على عبيد الله بن زياد فكان من أمرهم الذي كان قال: قلت له: جعلت فداك من هذا الصارخ؟ قال: ما نراه إلا جبرئيل أما إنه لو اذن له فيهم لصاح بهم صيحة يخطف منها أرواحهم من أبدانهم إلى النار ولكن أمهل لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب أليم قلت: جعلت فداك ما تقول فيمن ترك زيارته وهو يقدر على ذلك؟ قال:
إنه قد عق رسول الله وعقنا، واستخف بأمر هو له، ومن زاره كان الله له من وراء حوائجه، وكفى ما أهمه من أمر دنياه، وإنه ليجلب الرزق على العبد، ويخلف عليه ما أنفق ويغفر له ذنوب خمسين سنة، ويرجع إلى أهله وما عليه وزر ولا خطيئة إلا وقد محيت من صحيفته، فان هلك في سفره نزلت الملائكة فغسلته وفتح له باب إلى الجنة، يدخل عليه روحها حتى ينشر، وإن سلم فتح الباب الذي ينزل منه رزقه، فجعل له بكل درهم أنفقه عشرة آلاف درهم وذخر ذلك له (فإذا حشر قيل له: لك بكل درهم) عشرة آلاف درهم، وإن الله تبارك وتعالى نظر لك