فضج أهل الشام بالبكاء حتى خشي يزيد أن يرحل من مقعده، فقال للمؤذن أذن، فلما قال المؤذن الله أكبر الله أكبر، جلس علي بن الحسين على المنبر فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله بكى علي بن الحسين عليه السلام ثم التفت إلى يزيد فقال: يا يزيد هذا أبوك أم أبي؟ قال: بل أبوك، فأنزل فنزل فأخذ ناحية باب المسجد فلقيه مكحول صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له:
كيف أمسيت يا ابن رسول الله؟ قال: أمسينا بينكم مثل بني إسرائيل في آل فرعون يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم، فلما انصرف يزيد إلى منزله دعا بعلي بن الحسين عليهما السلام وقال يا علي أتصارع ابني خالدا؟ قال عليه السلام: ما تصنع بمصارعتي إياه أعطني سكينا وأعطه سكينا فليقتل أقوانا أضعفنا فضمه يزيد إلى صدره ثم قال: لا تلد الحية إلا الحية. أشهد أنك ابن علي بن أبي طالب ثم قال له علي بن الحسين: يا يزيد بلغني أنك تريد قتلي، فان كنت لابد قاتلي فوجه مع هؤلاء النسوة من يردهن إلى حرم رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له يزيد لعنه الله: لا يردهن غيرك، لعن الله ابن مرجانة، فوالله ما أمرته بقتل أبيك، ولو كنت متوليا لقتاله ما قتلته، ثم أحسن جائزته وحمله والنساء إلى المدينة (1) 7 - الإحتجاج: عن حذيم بن شريك الأسدي قال: لما أتى علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام بالنسوة من كربلا وكان مريضا وإذا نساء أهل الكوفة ينتدبن مشققات الجيوب، والرجال معهن يبكون، فقال زين العابدين بصوت ضئيل وقد نهكته العلة: إن هؤلاء يبكون، فمن قتلنا غيرهم؟ فأومأت زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام إلى الناس بالسكوت قال حذيم الأسدي: فلم أر والله خفرة أنطق منها كأنما تنطق وتفرغ عن لسان أمير المؤمنين عليه السلام وقد أشارت إلى الناس بأن انصتوا، فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس، ثم قالت بعد حمد الله تعالى والصلاة على رسوله: