قال: ثم سكتت فرأيت الناس حيارى قد ردوا أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخا وقد بكى حتى اخضلت لحيته، وهو يقول:
كهولهم خير الكهول ونسلهم * إذا عد نسل لا يخيب ولا يخزى 9 - الإحتجاج: وعن ديلم بن عمر قال: كنت بالشام حتى اتي بسبايا آل محمد فأقيموا على باب المسجد حيث تقام السبايا، وفيهم علي بن الحسين عليه السلام فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم، وأهلككم، وقطع قرن الفتنة - ولم يأل عن شتمهم - فلما انقضى كلامه قال له علي بن الحسين إني قد أنصت لك حتى فرغت من منطقك، وأظهرت ما في نفسك من العداوة والبغضاء فأنصت لي كما أنصت لك، فقال له: هات، قال علي عليه السلام: أما قرأت كتاب الله عز وجل؟
فقال: نعم، قال: أما قرأت هذه الآية " قل أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (1) قال: بلى، فقال له علي عليه السلام: فنحن أولئك، فهل تجد لنا في سورة بني إسرائيل حقا خاصة دون المسلمين؟ فقال: لا، قال علي بن الحسين: أما قرأت هذه الآية " وآت ذا القربى حقه " (2) قال: نعم، قال علي عليه السلام: فنحن أولئك الذين أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله أن يؤتيهم حقهم فقال الشامي: إنكم لأنتم هم؟ فقال علي عليه السلام: نعم، فهل قرأت هذه الآية " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى "؟ (3) فقال له الشامي: بلى فقال علي:
فنحن ذووا القربى، فهل تجد لنا في سورة الأحزاب حقا خاصة دون المسلمين؟
فقال: لا، قال علي: أما قرأت هذه الآية " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (4) قال: فرفع الشامي يده إلى السماء ثم قال:
اللهم إني أتوب إليك ثلاث مرات اللهم إني أتوب إليك من عداوة آل محمد، و من قتل أهل بيت محمد، ولقد قرأت القرآن منذ دهر فما شعرت بها قبل اليوم (5)