فقالت: زينب: يا ابن زياد حسبك ما ارتكبت منا فلقد قتلت رجالنا، وقطعت أصلنا وأبحت حريمنا، وسبيت نساءنا وذرارينا، فإن كان ذلك للاشتفاء فقد اشتفيت، فأمر ابن زياد بردهم إلى السجن، وبعث البشائر إلى النواحي بقتل الحسين عليه السلام ثم أمر بالسبايا ورأس الحسين فحملوا إلى الشام فلقد حدثني جماعة كانوا خرجوا في تلك الصحبة أنهم كانوا يسمعون بالليالي نوح الجن على الحسين إلى الصباح، وقالوا: فلما دخلنا دمشق ادخل بالنساء والسبايا بالنهار مكشفات الوجوه فقال أهل الشام الجفاة: ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء فمن أنتم؟ فقالت سكينة ابنة الحسين: نحن سبايا آل محمد صلى الله عليه وآله فأقيموا على درج المسجد حيث يقام السبايا وفيهم علي بن الحسين عليهما السلام وهو يومئذ فتى شاب، فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام فقال لهم: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم، وقطع قرن الفتنة، فلم يأل عن شتمهم، فلما انقضى كلامه، قال له علي بن الحسين عليه السلام: أما قرأت كتاب الله عز وجل قال: نعم، قال: أما قرأت هذه الآية " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (1) قال: بلى، قال: فنحن أولئك، ثم قال: أما قرأت " وآت ذا القربى حقه " (2) قال: بلى، قال: فنحن هم، فهل قرأت هذه الآية " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (3) قال: بلى، قال: فنحن هم، فرفع الشامي يده إلى السماء ثم قال: اللهم إني أتوب إليك - ثلاث مرات اللهم إني أبرء إليك من عدو آل محمد ومن قتلة أهل بيت محمد، لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم ثم ادخل نساء الحسين على يزيد بن معاوية، فصحن نساء آل يزيد وبنات معاوية وأهله، وولولن وأقمن المأتم، ووضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه فقالت سكينة: ما رأيت أقسى قلبا من يزيد، ولا رأيت كافرا ولا مشركا شرا منه، ولا
(١٥٥)