أجفى منه، وأقبل يقول وينظر إلى الرأس:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل ثم أمر برأس الحسين فنصب على باب مسجد دمشق، فروي عن فاطمة بنت علي عليهما السلام أنها قالت: لما أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رق لنا أول شئ وألطفنا، ثم إن رجلا من أهل الشام أحمر قام إليه فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية، يعنيني، وكنت جارية وضيئة، فأرعبت وفرقت، وظننت أنه يفعل ذلك، فأخذت بثياب أختي وهي أكبر مني وأعقل، فقالت: كذبت والله ولعنت ما ذاك لك ولا له، فغضب يزيد، وقال: بل كذبت والله لو شئت لفعلته، قالت: لا والله ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج من ملتنا، وتدين بغير ديننا، فغضب يزيد ثم قال: إياي تستقبلين بهذا؟ إنما خرج من الدين أبوك وأخوك، فقالت:
بدين الله ودين أبي وأخي وجدي اهتديت أنت وجدك وأبوك، قال: كذبت يا عدوة الله قالت: أمير يشتم ظالما ويقهر بسلطانه؟ قالت: فكأنه لعنه الله استحيى فسكت، فأعاد الشامي لعنه الله فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية، فقال له: أعزب! وهب الله لك حتفا قاضيا (1) 4 - أقول: قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة في جملة أبيات ذكرها عن ابن الزبعرى أنه قالها لوصف يوم أحد:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل حين حطت بقباء بركها (2) * واستحر القتل في عبد الأشل ثم قال: كثير من الناس يعتقدون أن هذا البيت ليزيد بن معاوية، وقال من أكره، التصريح باسمه: هذا البيت ليزيد فقلت له: إنما قاله يزيد متمثلا لما حمل إليه رأس الحسين عليه السلام وهو لابن الزبعرى فلم تسكن نفسه إلى ذلك حتى أوضحته له فقلت ألا تراه قال: " جزع الخزرج من وقع الأسل " والحسين عليه السلام لم