وقال صاحب المناقب: وذكر الإمام أبو العلا الحافظ بإسناده عن مشايخه أن يزيد بن معاوية حين قدم عليه رأس الحسين عليه السلام بعث إلى المدينة فأقدم عليه عدة من موالي بني هاشم وضم إليهم عدة من موالي أبي سفيان ثم بعث بثقل الحسين ومن بقي من أهله معهم وجهزهم بكل شئ، ولم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر لهم بها، وبعث برأس الحسين عليه السلام إلى عمرو بن سعيد بن العاص وهو إذ ذاك عامله على المدينة، فقال عمرو: وددت أنه لم يبعث به إلي، ثم أمر عمرو به فدفن بالبقيع عند قبر أمه فاطمة عليها السلام.
وذكر غيره أن سليمان بن عبد الملك بن مروان رأى النبي صلى الله عليه وآله في المنام كأنه يبره ويلطفه، فدعا الحسن البصري فسأله عن ذلك، فقال: لعلك اصطنعت إلى أهله معروفا؟ فقال سليمان: إني وجدت رأس الحسين عليه السلام في خزانة يزيد بن معاوية فكسوته خمسة من الديباج وصليت عليه في جماعة من أصحابي وقبرته فقال الحسن: إن النبي صلى الله عليه وآله رضي منك بسبب ذلك، وأحسن إلى الحسن، وأمره بالجوائز.
وذكر غيرهما أن رأسه عليه السلام صلب بدمشق ثلاثة أيام ومكث في خزائن بني أمية حتى ولي سليمان بن عبد الملك، فطلب فجيئ به وهو عظيم أبيض فجعله في سفط وطيبه وجعل عليه ثوبا ودفنه في مقابر المسلمين، بعد ما صلى عليه، فلما ولى عمر بن عبد العزيز بعث إلى المكان يطلب منه الرأس فأخبر بخبره فسأل عن الموضع الذي دفن فيه فنبشه وأخذه والله أعلم ما صنع به فالظاهر من دينه أنه بعث إلى كربلا فدفن مع جسده عليه السلام.
أقول: هذه أقوال المخالفين في ذلك، والمشهور بين علمائنا الامامية أنه دفن رأسه مع جسده، رده علي بن الحسين عليهما السلام وقد وردت أخبار كثيرة في أنه مدفون عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام وسيأتي بعضها والله يعلم.
ثم قال المفيد وصاحب المناقب واللفظ لصاحب المناقب: وروي أن يزيد عرض عليهم المقام بدمشق فأبوا ذلك، وقالوا: بل ردنا إلى المدينة فإنه مهاجر