ترجح على كل فضيلة لاحد من الصحابة (1) وأهل البيت عليهم السلام، وبطل قول من رام (2) المفاضلة بينه وبين أبي بكر من العامة والمعتزلة الناصبة له عليه السلام، إذ قد حصل له عليه السلام فضل يزيد على الفضل الحاصل للأنبياء عليهم السلام.
ولعل قائلا يقول عند سماع هذا: فكيف يسوغ لكم ما ادعيتموه في هذه المحنة وهو تعظيمها على محنة إسماعيل عليه السلام وذاك نبي وهذا عندكم وصي (3)؟ وليس يجوز أن يكون من ليس بنبي أفضل من أحد من الأنبياء عليهم السلام، فإنه يقال له: ليس في تفضيلنا هذه المحنة على محنة إسماعيل عليه السلام تفضيل لأمير المؤمنين عليه السلام على أحد من الأنبياء، وذلك عليا وإن حصل له فضل لم يحزه نبي فيما مضى فإن الذي حاز به الأنبياء عليهم السلام من الفضل الذي لم يحصل منه شئ لأمير المؤمنين عليهم السلام يوجب فضلهم عليه، ويمنع من المساواة بينه وبينهم أو تفضيله عليهم كما بيناه، وبعد فإن الحجة إذا قامت على فضل أمير المؤمنين عليه السلام على نبي من الأنبياء ولاح (4) على ذلك البرهان وجب علينا القول به وترك الخلاف فيه ولم يوحشنا منه خلاف العامة الجهال (5)، وليس في تفضيل سيد الوصيين وإمام المتقين وأخي رسول رب العالمين سيد المرسلين ونفسه بحكم التنزيل وناصره في الدين و أبي ذريته الأئمة الراشدين الميامين على بعض الأنبياء المتقدمين أمر يحيله العقل، ولا يمنع منه السنة، ولا يرده القياس ولا يبطله الاجماع، إذا عليه جمهور شيعته، وقد نقلوا ذلك عن الأئمة من ذريته، وإذا لم يكن فيه إلا خلاف الناصبة له أو المستضعفين ممن يتولاه لم يمنع من القول به.
فإن قال قائل: إن محنة إسماعيل أجل قدرا من محنة أمير المؤمنين عليه السلام وذلك أن أمير المؤمنين قد كان عالما بأن قريشا إنما تريد غيره وليس غرضها قتله، وإنما قصدها