أقول: لا أظن عاقلا يفهم من كلامه هذا سوى التعصب والعناد أو يحتاج إلى بيان لخطائه لظهور الفساد، ولعل النصب أعمى عينه عن سياق الآية وما عاتب الله تعالى تاركي ذلك بقوله: (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) وقوله: (فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم) وعن افتخار أمير المؤمنين عليه السلام بذلك، إذ على ما زعمه هذا الشقي كان اللازم عليه صلوات الله عليه الاعتذار لا الافتخار، وعن تمني ابن صنمه الذي سبق في الاخبار (1)، وعن أنه وإن فرض أنه يضيق قلب فقير لا يقدر على الانفاق، فهو يوسع قلب فقير آخر يصل إليه هذا المال ويسره (2)، وعن أن الانس برسول ربه يجبر وحشة هذا الغني المطبوع على قلبه لو سلم أن فيها مفسدة، ولم يتفطن أن ذلك اعتراض على الله في بعث هذا الحكم والخطاب، وبعد أن يسقط (3) بزعمه عن صنميه ومناتيه (4) اللوم والعتاب لا يبالي بنسبة الخطاء إلى رب الأرباب إن هذا لشئ عجاب! ولوضوح تعصبه في هذا الباب تعرض النيسابوري أيضا للجواب وقال: هذا الكلام لا يخلو عن تعصب ما، ومن أين يلزمنا أن نثبت مفضولية علي عليه السلام في كل خصلة؟ ولم لا يجوز أن تحصل له فضيلة لم توجد لغيره من أكابر الصحابة؟ ثم ذكر رواية ابن عمر وتمنيه ثبوت هذه الفضيلة له، ثم قال: وهل يجوز منصف أن مناجاة النبي منقصة (5)! على أنه لم يرد في الآية النهي عن المناجاة وإنما ورد تقديم الصدقة على المناجاة، فمن عمل بالآية حصلت له الفضيلة من جهتين، من وجهة سد خلة (6) بعض الفقراء، ومن جهة محبة نجوى الرسول صلى الله عليه وآله ففيها القربة منه وحل المسائل العويصة (7) وإظهار أن نجواه أحب إلى المناجي من المال، انتهى (8).
(٣٨٥)