الصحابة المستلزم لأحقيته للإمامة وقبح تقديم غيره عليه ويدل على نقص عظيم وجرم جسيم لمن تقدم عليه في الخلافة، لتقصيرهم في هذا الامر الحقير الذي كان يتأتى بأقل من درهم، فاختاروا بذلك مفارقة الرسول! صلى الله عليه وآله وتركوا صحبته الشريفة! وتقصيرهم في ذلك يدل على تقصيرهم في الطاعات الجليلة والأمور العظيمة بطريق أولى، فكم بين من يبذل نفسه لرسول الله لتحصيل رضاه (1) وبين من يبخل بدرهم لادراك سعادة نجواه؟ بل يدل ترك إنفاقهم على نفاقهم كما اعترف به البيضاوي في أول الأمر (2)، وما اعتذر به أخيرا (3) فلا يخفى بعده ومخالفته لما يدعون من بذلهم الأموال الجزيلة في سبيل الله، وكيف لا يقدر من يبذل مثل تلك الأموال الجزيلة على إنفاق بعض درهم بل شق تمرة في عشره أيام؟
كما ذكره أكثر مفسريهم كالزمخشري (4) وابن المرتضى (5) وغيرهما، وأعجب من ذلك ما اعتذر به القاضي عبد الجبار بتجويز عدم اتساع الوقت لذلك فإنه مع استحالته في نفسه عند الأكثر (6) ينافيه أكثر الروايات الواردة في هذا الباب، فإن أكثرها دلت على أنه ناجاه عشر مرات قبل النسخ، مع قطع النظر عن رواية عشرة أيام، وأيضا ذكر التوبة بعد ذلك يدل على تقصيرهم.
وأفحش من ذلك ما ذكره الرازي الناصبي حيث قال: سلمنا أن الوقت قد وسع إلا أن الاقدام على هذا العمل مما يضيق قلب الفقير الذي لا يجد شيئا وينفر الرجل الغني، فلم يكن في تركه معرة (7) لان الذي يكون سبب الألفة أولى عما يكون سببا للوحشة، وأيضا الصدقة عند المناجاة واجبة وأما المناجاة فليست بواجبة ولا مندوبة! بل الأولى ترك المناجاة! كما بينا من أنها لو كانت كانت سببا لسأمة النبي صلى الله عليه وآله انتهى (8)