الحليفة، فما رآه أبو بكر قال: أمير أو مأمور؟ فقال علي عليه السلام: بعثني النبي صلى الله عليه وآله لتدفع إلي براءة، قال: فدفعها إليه، وانصرف أبو بكر إلى رسول الله فقال: يا رسول الله:
مالي نزعت مني براءة؟ أنزل في شئ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن جبرئيل نزل علي فأخبرني أن الله يأمرني أنه لن يؤدي عني غيري أو رجل مني، فأنا وعلي من شجرة واحدة والناس من شجر شتى، أما ترضى يا أبا بكر أنك صاحبي في الغار؟ قال: بلى يا رسول الله، فلما كان (1) يوم الحج الأكبر وفرغ الناس من رمي الجمرة الكبرى قام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عند الجمرة فنادى في الناس، فاجتمعوا إليه، فقرأ عليهم الصحيفة بهؤلاء الآيات (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين) إلى قوله: (فخلوا سبيلهم) ثم نادى: ألا لا يطوف (2) بالبيت عريان، ولا يحجن مشرك بعد عامه هذا، وإن لكل ذي عهد عهده إلى مدته، وإن الله لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما، وإن أجلكم أربعة أشهر إلى أن تبلغوا بلدانكم، فهو قوله تعالى: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) وأذن الناس كلهم بالقتال إن لم يؤمنوا، فهو قوله: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس) قال إلى أهل العهد: خزاعة وبني مدلج (3) ومن كان له عهد غيرهم (يوم الحج الأكبر) قال: فالاذان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: النداء الذي نادى به، قال: فلما قال: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) قالوا: وعلى ما تسيرنا أربعة أشهر فقد برئنا منك ومن ابن عمك؟ إن شئت الآن الطعن والضرب، ثم استثنى الله منهم فقال: (إلا الذين عاهدتم من المشركين) فقال: العهد من كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله ولث من عقود على الموادعة (4) من خزاعة وغيرهم، وأما قوله: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) لكي يتفرقوا (5) عن مكة وتجارتها فيبلغوا إلى أهلهم، ثم إن لقوهم بعد ذلك قتلوهم، والأربعة الأشهر التي حرم الله فيها دماءهم عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وربيع