قال: فمضى علي عليه السلام لأمر الله، ونبذ العهود إلى أعداء الله، وأيس المشركون من الدخول بعد عامهم ذلك إلى حرم الله، وكانوا عددا كثيرا وجما غفيرا (1)، غشاهم الله نوره، وكساه فيهم هيبة (2) وجلالا لم يجسروا معها على إظهار خلاف ولا قصد بسوء قال و ذلك قوله (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه (3)) في مساجد (4) خيار المؤمنين بمكة لما منعوهم من التعبد فيه بأن ألجؤوا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الخروج عن مكة (وسعى في خرابها) خراب تلك المساجد لئلا يقام فيها بطاعة الله (5)، قال الله تعالى:
(أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين) أن يدخلوا بقاع تلك المساجد في الحرم إلا خائفين من عذابه (6) وحكمه النافذ عليهم، أن يدخلوها كافرين بسيوفه وسياطه (لهم) لهؤلاء المشركين (في الدنيا خزي) وهو طرده إياهم عن الحرم ومنعم أن يعودوا إليه (ولهم في الآخرة عذاب عظيم) (7).
22 - كشف الغمة: من مسند أحمد بن حنبل مرفوعا إلى أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وآله بعث (8) ببراءة إلى أهل مكة: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا تدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ومن كان بينه وبين رسوله الله مدة فأجله إلى مدته، والله برئ من المشركين ورسوله، قال: فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي: الحقه فرد علي أبا بكر وبلغها أنت، قال: ففعل، قال: فلما قدم على النبي صلى الله عليه وآله أبو بكر بكى فقال: يا رسول الله حدث في شئ؟ قال: ما حدث فيك شئ (9) ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني (10).