من سائر الأنبياء، وأخبارهم الدالة على ذلك مستفيضة عندهم، لم يتصرف في سائر المقدمات ولم يتعرض لمنعها ودفعها - مع أنه إمام المشككين عندهم - لغاية متانتها ووضوحها، ولنتعرض لدفع بعض الشبه الواهية والمنوع الباردة التي يمكن أن يخطر ببال بعض المتعسفين.
فنقول: إن قال قائل: يمكن أن تكون الدعوة متعلقة بالنفس مجازا وما ارتكبتموه من التجوز ليس بأولى من هذا المجاز (1)، فنقول: يمكن الجواب عنه بوجهين.
الأول أن التجوز في النفس أشهر وأشيع عند العرب والعجم، فيقول أحدهم لغيره: يا روحي ويا نفسي! وفي خصوص هذه المادة وردت روايات كثيرة بهذا المعنى من الجانبين، كما سنذكره في باب اختصاصه عليه السلام به، وقد ورد في صحاحهم أنه صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: أنت مني وأنا منك (2)، وقال: علي مني بمنزلة رأسي من جسدي، وفي رواية أخرى: بمنزلة روحي من جسدي، وقوله صلى الله عليه وآله: لأبعثن إليكم رجلا كنفسي، وأمثال ذلك كثيرة، فكل ذلك قرينة مرجحة لهذا المجاز.
والثاني أن نقول: الآية على جميع محتملاتها تدل على فضله عليه السلام وكونه أولى بالإمامة، لان قوله تعالى: (ندع) بصيغة التكلم (3) إما باعتبار دخول المخاطبين أو للتعظيم أو لدخول الأمة أو الصحابة، وعلى الأخيرين يكون المعنى: ندع أبناءنا وتدعوا أبناءكم، ولا يخفى أن الأول أظهر، وهو أيضا في بادئ النظر يحتمل الوجهين: الأول أن يكون المعنى: يدعو كل منا ومنكم أبناءه ونساءه ونفسه، الثاني أن يكون المعنى: يدعو كل منا ومنكم أبناء الجانبين وهكذا، والأول أظهر كما صرح به أكثر المفسرين، وهذه الاحتمالات لا مدخل لها فيما نحن بصدده، وسيظهر حالها فيما سنورده في الوجوه الآتية وأما جمعية الأبناء والنساء والأنفس فيحتمل أن تكون للتعظيم، أو لدخول الأمة أو