الخطأ حينئذ بالانتهاء عند سماع الخبر من دون إقامة دليل على وجه الدلالة فيه أفحش، فظهر أنه لا يمكنهم الجواب في هذا المقام بأنه إنما كان خطأ عمر من قبيل خطأ المجتهد، وليس يلحقه بذلك ذنب صغيرا وكبيرا، ولذلك طووا كشحا عما هو معقلهم الحصين - بزعمهم - من حديث الاجتهاد، وسلموا على تقدير علم عمر بجنونها كون الامر بالرجم خطيئة.
فظهر ضعف ما أجاب به شارح المقاصد (1) عن الطعن برجم الحامل والمجنونة ومنع المغالاة في الصداق من: أن الخطأ في مسألة وأكثر لا ينافي الاجتهاد، ولا يقدح في الإمامة، والاعتراف بالنقصان هضم النفس ودليل على الكمال..
وذلك لأنا لو تنزلنا عن اشتراط العصمة في الامام وجوزنا له الاجتهاد في الاحكام، فلا ريب في أن الخطأ الفاحش و الغلط الفاضح مانع عن الإمامة، وإنما لا يقدح - على فرض الجواز - ما لا يدل على الغباوة الكاملة والبلادة البالغة، وعدم استيهال صاحبه لفهم المسائل واستنباط الاحكام ورد الفروع إلى الأصول، فإذا تواتر الخبط وترادفت الزلة - لا سيما في الأمور الظاهرة والاحكام الواضحة - فهل يبقى مجال للشك في منعه عن استيهال الاجتهاد وصلوح الإمامة؟ وليت شعري، من أين هذا اليقين الكامل والاعتقاد الجازم لهؤلاء القوم باجتهاد إمامهم وبلوغه في العلم حد الكمال، مع (2) ما يرون ويروون في كتبهم من خطبه وخطأه واعترافه بالزلة، والعجز موطنا بعد موطن، ومقاما بعد مقام (3)، وقد بذلوا مجهودهم في