بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٦٨٦
الخطأ حينئذ بالانتهاء عند سماع الخبر من دون إقامة دليل على وجه الدلالة فيه أفحش، فظهر أنه لا يمكنهم الجواب في هذا المقام بأنه إنما كان خطأ عمر من قبيل خطأ المجتهد، وليس يلحقه بذلك ذنب صغيرا وكبيرا، ولذلك طووا كشحا عما هو معقلهم الحصين - بزعمهم - من حديث الاجتهاد، وسلموا على تقدير علم عمر بجنونها كون الامر بالرجم خطيئة.
فظهر ضعف ما أجاب به شارح المقاصد (1) عن الطعن برجم الحامل والمجنونة ومنع المغالاة في الصداق من: أن الخطأ في مسألة وأكثر لا ينافي الاجتهاد، ولا يقدح في الإمامة، والاعتراف بالنقصان هضم النفس ودليل على الكمال..
وذلك لأنا لو تنزلنا عن اشتراط العصمة في الامام وجوزنا له الاجتهاد في الاحكام، فلا ريب في أن الخطأ الفاحش و الغلط الفاضح مانع عن الإمامة، وإنما لا يقدح - على فرض الجواز - ما لا يدل على الغباوة الكاملة والبلادة البالغة، وعدم استيهال صاحبه لفهم المسائل واستنباط الاحكام ورد الفروع إلى الأصول، فإذا تواتر الخبط وترادفت الزلة - لا سيما في الأمور الظاهرة والاحكام الواضحة - فهل يبقى مجال للشك في منعه عن استيهال الاجتهاد وصلوح الإمامة؟ وليت شعري، من أين هذا اليقين الكامل والاعتقاد الجازم لهؤلاء القوم باجتهاد إمامهم وبلوغه في العلم حد الكمال، مع (2) ما يرون ويروون في كتبهم من خطبه وخطأه واعترافه بالزلة، والعجز موطنا بعد موطن، ومقاما بعد مقام (3)، وقد بذلوا مجهودهم في

(١) شرح المقاصد ٥ / ٢٨٢.
(٢) لا توجد في (س): مع.
(٣) ومنها: ما روي عن عبد الرحمن السلمي، قال: أتى عمر بامرأة - أجهدها العطش، فمرت على راع فاستسقته فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها، ففعلت - فشاور الناس في رجمها، فقال علي: هذه مضطرة أرى أن يخلى سبيلها، ففعل.
جاءت في سنن البيهقي ٨ / ٢٣٦، الرياض النضرة ٢ / ١٩٦، ذخائر العقبي: ٨١، الطرق الحكمية: ٥٣، وقريب منها في كنز العمال ٣ / 96.
أقول: هناك جملة وقائع رائعة لقضاء أمير المؤمنين عليه السلام ووقوفه أمام جهل الخلفاء وتعسفهم تجدها في الطرق الحكمية لابن القيم وغيره، فراجع.
(٦٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 681 682 683 684 685 686 687 688 689 690 691 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691