بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٦٦٣
تطاول هذا الليل واسود جانبه * وأرقني إلا حبيب ألاعبه فوالله لولا خشية الله والتقى * لزعزع من هذا السرير جوانبه ولكن عقلي والهواء (1) يكفني * وأكرم بعلي أن تنال مراكبه فقال (2) الرجل: ما بهذا أمرنا يا أمير المؤمنين! قال الله تعالى: * (ولا تجسسوا) * (3)، فقال عمر: صدقت، وانصرف (4).
(١) في (ك) نسخة بدل: الحياء.
(٢) في المصدر: ثم قال.
(٣) الحجرات: ١٢.
(٤) هذا، وإن شرب الخليفة للخمر من المسلمات، ألا ترى إلى ما ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار ٤ / ٥١ - ٥٢، باب اللهو واللذات والقصف واللعب، والأبشيهي في المستطرف: ٢٦٠ [٢ / ٢٩١].. وغيرهما في قصة تدرج نزول آيات النهي عن الخمر، وفيها: حتى شربها عمر فأخذ لحى بعير فشج رأس عبد الرحمن بن عوف، ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن عبد يغوث [أبي يعفور، بن يعفور]، وفيها:
أيوعدنا ابن كبشة * أن سنحيى * وكيف حياة أصداء وهام أيعجز أن يرد الموت عني * وينشرني إذا بليت عظامي ألا من مبلغ الرحمن عني * بأني تارك شهر الصيام فقل لله يمنعني شرابي! * وقل لله يمنعني طعامي!
فبلغ ذلك رسول الله (ص)، فخرج مغضبا يجر رداءه، فرفع شيئا كان في يده ليضربه... وحرف القصة الطبري في تفسيره ٢ / ٢٠٣ بوضع كلمة رجل بدلا من: عمر، وناقشها شيخنا الأميني - رحمه الله - في غديره ٦ / ٢٥١ - ٢٦١ بذكر موارد النقض وما يرد على الخليفة.
أقول: بعد نزول آية تحريم الخمر، قال الخليفة: انتهينا انتهينا.. فلم نجده قد انتهى، إذ ها هو يقول - كما في السنن الكبرى ٨ / ٢٩٩، والمحاضرات للراغب الأصفهاني ١ / ٣١٩، وكنز العمالللمتقي الهندي ٣ / ١٠٩ بألفاظ متعددة وغيرهم -: إنا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الإبل في بطوننا أن تؤذينا، فمن رابه من شرابه شئ فليمزجه بالماء!. وأورد الهندي في كنزه، والطبراني في الجامع الكبير ٦ / ١٥٦، وابن عبد البر في العقد الفريد ٣ / ٤١٦، وغيرهم أنه شرب وشرب إلى أن مات، فها هم يقولون: وكان يشرب النبيذ الشديد إلى آخر نفس لفظه. قال عمر ابن ميمون: شهدت عمر حين طعن أتي بنبيذ فشربه.. ولاحظ ما أورده الجصاص في أحكام القرآن ٢ / ٥٦٥، بل جاء في جامع مسانيد أبي حنيفة ٢ / ١٩٢ أنه كان يحب الشراب الشديد، وعنه قوله في الخمر: هكذا فاكسروه بالماء إذا غلبكم شيطانه. وجاء في سنن النسائي ٨ / ٣٢٦ عنه: إذا خشيتم من نبيذ شدته فاكسروه بالماء.. وغيرها، هذا مع تواتر نصوص الفريقين - كما في سنن أبي داود ٢ / ١٢٩، ومسند أحمد ٢ / ١٦٧، ٣ / ٣٤٣، وصحيح الترمذي ١ / ٣٤٢، وسنن ابن ماجة ٢ / ٣٣٢، وسنن النسائي ٨ / ٣٠، وسنن البيهقي ٨ / ٢٩٦، وغيرهم كثير - مع أن: ما أسكر كثيره فقليله حرام.. وغيره من نصوص الباب.
* قال ابن الأثير في النهاية 4 / 144، في حديث أبي سفيان: لقد أمر ابن أبي كبشة.. كان المشركون ينسبون النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم إلى أبي كبشة وهو رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان وعبد الشعرى العبور فلما خالفهم النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم في عبادة الأوثان شبهوه به، وقيل: إنه كان جد النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم من قبل أمه فأرادوا أنه نزع في الشبه إليه.