وتفصيله لم يرفع الاختلاف بين الأمة، فكيف يتصور في مثل هذا الوقت منه صلى الله عليه وآله إملاء كتاب يشتمل على أسطر قلائل يرفع الاختلاف في جميع الأمور عن الأمة، إلا بأن يعين في كل عصر من يرجعون إليه عند الاختلاف، ويرشدهم إلى جميع مصالح الدين (1) والدنيا، ويفسر القرآن المجيد لهم بحيث لا يقع منهم اختلاف فيه؟!.
وينطق بما ذكرنا قول أمير المؤمنين عليه السلام: أنا كلام الله الناطق وهذا كلام الله الصامت (2).
وقد قيل: ان قوله هذا كقول المريض: لا حاجة لنا إلى الطبيب لوجود كتب الطب بين أظهرنا، وظاهر أنها أشمل للفروع الطبية من الكتاب الكريم لتفاصيل الأحكام الشرعية، فاتضح أن المنع عن كتابة ما يمنع عن الضلال عين الضلال والاضلال، وكثرة الخلاف بين الأمة وتشتت طرقه - مع وجود كتاب الله بينهم -، دليل قاطع على ما ذكرنا.
الثالث: إن ما ذكره - من أن عمر أشفق على الرسول صلى الله عليه وآله من تحمل مشقة الكتابة مع شدة الوجع - فاسد، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لم تجر عادته في أيام صحته بأن يكتب الكتاب بيده، وإنما كان يملي على الكاتب ما يريد، إما لكونه أميا لا يقرأ ولا يكتب، أو لغير ذلك، ولم يكن ذلك مستورا على عمر، فكيف أشفق عليه من الكتابة؟!.
وأما الاملاء، فمن أين علم أنه لا يمكن للرسول صلى الله عليه وآله التعبير عما يريد بلفظ مختصر وعبارة وجيزة لم يكن في إلقائها إلى الكاتب مشقة لا يقدر على تحملها، على أنه تحمله صلى الله عليه وآله للمشاق في هداية الأمة لم