بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٥٤٣
أن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين الكتابة، وهل يسمى فوت أمر مباح أو مندوب رزية كل الرزية، ويبكي عليه حتى يبل الدمع الحصى، ولا ينكر من له أدنى ألفة بكلام العرب أنهم يكتفون في فهم المعاني المجازية ونفي الحقايق بقرائن أخفى من هذا، فكيف بالمعنى الحقيقي إذا اقترن بمثل تلك القرينة؟ على أن اشتغال الرسول صلى الله عليه وآله في حال المرض وشدة الوجع، ودنو الرحيل، وفراق الأمة التي بعثه الله تعالى بشيرا ونذيرا لهم بكتابة ما كان نسبة الخير والشر إليه على حد سواء، حتى يكون رده وقبوله مفوضا إليهم ومرجوعا إلى اختيارهم، مما لا يقول به إلا من بلغ الغاية في السفه والنوك (1)، فبقي أن يكون من الأمور المستحسنة، وإن كان على وجه الندب فظاهر أن رد ما استحسنه له الرسول صلى الله عليه وآله وحكم به ولو على وجه الندب وظن أن الصواب في خلافه، وعده من الهذيان تقبيح قبيح لرأي من لا ينطق عن الهوى، وتجهيل وتضليل لمن لا يضل ولا يغوى، وليس كلامه إلا وحيا يوحى، وهو في معنى الرد على الله سبحانه، وعلى حد الشرك بالله.
ولعل المجوزين للاجتهاد في مقابلة النص - ولو على وجه الاستحباب - لا يقولون بجواز الرد عليه على هذا الوجه المشتمل على إساءة الأدب وتسفيه الرأي.
فإن قيل: إذا كان أمره صلى الله عليه وآله بإحضار ما طلب على وجه الايجاب والالزام للخوف في ترك الكتابة من ترتب مفسدة عظيمة - هي ضلال الأمة - فكيف تركها رسول الله صلى الله على وآله ولم يصر على المطلب؟ وهل هذا إلا تقصير في هداية الأمة واللطف بهم؟.
قلنا: لعله صلى الله عليه وآله لما رأي من حال الحاضرين إمارة العصيان، وشاهد منهم إثارة الفتنة وتهييج الشر خاف من أن يكون في الوصية وتأكيد

(١) النوك: الحمق، قاله في الصحاح ٤ / 1612، وغيره.
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691