النبي صلى الله عليه وآله قد غلبه الوجع.. و (1) إنه ليهجر.. وكان المناسب أن يعرض على النبي صلى الله عليه وآله أنه ينبغي إحضار طائفة ممن يثق الناس بهم وتكون شهادتهم حجة عند العامة ليشهدوا الكتابة، ويقيموا الشهادة، دفعا لاختلاف الناس.
وثالثا: إن غاية ما يلزم من تطرق المنافقين أن يقع فيها الاختلاف فلا يعمل بعض الناس بها، وليس ذلك بأبلغ في الضرر من منع الكتابة حتى لا يعمل بها أحد، وأما الخوف من وقوع الفتنة بين المسلمين فهو موجود في صورة ترك الكتابة والوصية، بل هو أحرى وأقرب بوقوع الفتنة وثوران الشرور.
ورابعا: إنه لو أراد بتطرق المنافقين مجرد قدحهم في الوصية من دون أن يلحق الاسلام والمسلمين ضرر وتزلزل فليس به بأس، ولا ينقطع به طعنهم (2) وقدحهم بها ولا بعدمها.
ولو أراد به لحوق الضرر.. ففساده ظاهر، كيف ولو كانت جهة الفساد فيها أغلب لما أرادها من هو أعلم بأمته وأرأف بهم من كل رؤوف عليم، ولما عللها بعدم ضلالهم.
وأما الاجتهاد بخلاف قوله.. فقد تبين بطلانه في محله وسيأتي، على أن دفع هذا الضرر الذي توهموه - بنسبة الهجر والهذيان إلى الرسول صلى الله عليه وآله وتقبيح رأيه، والرد عليه بأن كتاب الله حسبنا - دفع للفاسد بمثله.
وخامسا: إن تشبيهه ادعاء الرافضة بتطرق المنافقين في غاية الركاكة والبرودة، فإن الظاهر منهم أنه زعم أن ادعاء الرافضة أعظم من الفساد من تطرق المنافقين وتقولهم الأقاويل أو مثله، وظاهر أن هذا الادعاء إنما لزم من منع الكتابة لا من كتابة ما أراده النبي صلى الله عليه وآله بزعمهم، وقد رووا عن عائشة أنه