عمر بن الخطاب كان سبب منعه من ذلك الكتاب (1) وسبب ضلال من ضل من أمته، وسبب اختلافهم وسفك الدماء بينهم، وتلف الأموال، واختلاف الشريعة، وهلاك اثنين وسبعين فرقة من أصل فرق الاسلام، وسبب خلود من يخلد في النار منهم، ومع هذا كله فإن أكثرهم أطاع عمر بن الخطاب، الذي قد شهدوا عليه بهذه الأحوال في الخلافة وعظموه وكفروا بعد ذلك من يطعن فيه - وهم من جملة الطاعنين - وضللوا من يذمه - وهم من جملة الذامين - وتبرؤا ممن يقبح ذكره وهم من جملة المقبحين (2)..
فمن روايتهم في ذلك ما ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الرابع من المتفق عليه في صحته من مسند عبد الله بن عباس قال: لما احتضر النبي صلى الله عليه وآله - وفي بيته رجال فيهم عمر بن الخطاب -، فقال النبي صلى الله عليه وآله: هلموا أكتب لكم كتابا (3) لن تضلوا بعده أبدا. فقال عمر بن الخطاب: إن النبي صلى الله عليه وآله قد غلبه الوجع (4) وعندكم القرآن، حسبكم كتاب ربكم (5).
وفي رواية ابن عمر - من غير كتاب الحميدي -، قال عمر: إن الرجل ليهجر.
وفي كتاب الحميدي (6): قالوا: ما شأنه، هجر؟.