بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٥٤٤
التنصيص على من عينه للإمامة وجعله أولى بالناس من أنفسهم تعجيل للفتنة بين المسلمين وتفريق كلمتهم، فيتسلط بذلك الكفار وأهل الردة عليهم، وينهدم أساس الاسلام، وينقلع دعائم الدين، وذلك لان الراغبين في الإمامة والطامعين في الملك والخلافة قد علموا من مرضه صلى الله عليه وآله وإخباره تصريحا وتلويحا في غير موقف بأنه قد دنى أجله ولا يبرأ من مرضه، فوطنوا أنفسهم لالقاء الشبهة بين المسلمين لو كتب الكتاب وأكد الوصية، بأنه كان على وجه الهجر والهذيان، فيصدقهم الذين في قلوبهم مرض، ويكذبهم المؤمنون (1) بأن كلامه ليس إلا وحيا يوحى، فيقوم فيهم المحاربة والقتال وينتهي الحال إلى استيصال أهل الايمان وظهور أهل الشرك والطغيان، فاكتفى صلى الله عليه وآله بنصه يوم الغدير وغيره، وقد بلغ الحكم وأدى رسالة ربه كما أمره بقوله: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته) * (2) فلم يكون في ترك الكتابة تقصير في التبليغ والرسالة، وإنما منعت الطائفة من الأمة لشقاوتهم ذلك الفعل، وسدوا باب الرحمة، فضلوا عن سواء الصراط وأضلوا كثيرا: * (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) * (3) الثاني: إن ما يظهر كلامه - من أن استفهامهم كان لاستعلام أن الامر على وجه العزم، أو رد الامر إلى اختيارهم - مردود، بأن قولهم ما شأنه: أهجر؟
استفهموه؟ لا يفهم منه من له أدنى فطانة، إلا أن هذا الاستفهام عبارة عن استعلام أن كلامه ذلك كان من الهجر وكلام المرضى والهذيان، أو هو كلام صحيح، لا أن أمره كان على وجه العزم أو الرد إلى الاختيار، وهو واضح.
وأما ما علل به الكف من صواب رأي عمر، ففيه أنه ليس في الكلام ما يدل على تصويب رأي عمر، فإن قوله صلى الله عليه وآله في الرواية الثالثة من

(١) في (ك) نسخة بدل: الموقنون.
(٢) المائدة: ٦٧.
(٣) الشعراء: ٢٢٧.
(٥٤٤)
مفاتيح البحث: المرض (3)، القتل (1)، الوصية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691