بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٥٤٢
البخاري في باب العلم صريح في أن عمر نسب إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قد غلبه الوجع، ولا يلزمنا إجابته في إحضار الكتاب، وظاهر أن قائل: ماله أهجر؟ استفهموه، هو قائل: قد قلبه الوجع، وإن مفاد العبارتين واحد، ومعلوم من سياق مجموع الاخبار أن اللغط والاختلاف لم يحصلا إلا من قول عمر، وأن ترك النبي صلى الله عليه وآله الكتابة لم يكن إلا من جهته، وأنه آذاه وأغاظه.
وأما الاعتذار بأنه صدر منه هذا الكلام من الدهشة فهو باطل، لأنه لو كان كذلك لكان يلزمه أن يتدارك ذلك بما يظهر للناس أنه لا يستخف بشأنه صلى الله عليه وآله.
وأيضا لو كان في هذه الدرجة من المحبة له صلى الله عليه وآله بحيث يضطرب بسماع ما هو مظنة وفاته صلى الله عليه وآله إلى حد يختل نظام كلامه لكان تلك الحالة أشد بعد تحقق الوفاة، ولو كان كذلك لم يبادر إلى السقيفة قبل تجهيزه صلى الله عليه وآله وغسله ودفنه، ولو سلم ذلك فهو لا ينفعه، لان مناط الطعن مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وآله وممانعته فيما يوجب صلاح عامة المسلمين إلى يوم القيامة، والسهو في خصوص عبارة لا ينفع في ذلك.
وأما ما نقله عن القوم في ذلك فالاعتراض عليه من وجوه:
الأول: إن ما ذكره أولا - من أن فهم البعض أن أمره صلى الله عليه وآله باحضار ما طلب كان مردودا إلى اختيارهم - ظاهر الفساد، فإن الامر مع أنه ظاهر في الوجوب - كما حرر في محله - قد اقترن به في المقام ما يمنع من أن يراد به الندب أو الإباحة، فإن النبي صلى الله عليه وآله علل الكتاب بأن: لا يضلوا بعده، وظاهر أن الامر الذي يكون في تركه ضلال الأمة لا يكون مباحا ولا مندوبا، وليس مناط الوجوب إلا قوة المصلحة وشدة المفسدة، وقد علل من منع الاحضار بأنه صلى الله عليه وآله يهجر، كما صرحت به الرواية الثانية المتقدمة، أو أنه قد غلبه الوجع، وظاهر أن هذا الكلام لا ارتباط له بفهم الإباحة أو الندب.
ويؤيده قول ابن عباس - مع اعتراف الجمهور له بجودة الفهم وإصابة النظر -
(٥٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691