واستفاض في المسلمين علم وجوب الزكاة حتى (1) عرفها الخاص والعام واشترك فيهم العالم والجاهل، فلا يعذر أحد بتأويل يتأوله في إنكارها، وكذلك الامر في كل من أنكر شيئا مما أجمعت (2) الأمة عليه من أمور الدين إذا كان علمه منتشرا كالصلوات والخمس وصوم شهر رمضان والاغتسال من الجنابة وتحريم الزنا والخمر ونكاح ذوات المحارم (3) ونحوها من الاحكام، إلا أن يكون رجلا حديث عهد بالاسلام ولا يعرف حدوده، فإنه إذا أنكر شيئا منها جهلا به لم يكفر وكان سبيله سبيل أولئك القوم في صدق اسم الدين عليه، فأما ما كان الاجماع فيه معلوما من طريق علم الخاصة كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وإن القاتل عمدا لا يرث، وإن للجدة السدس.. وما أشبه ذلك من الاحكام، فإن من أنكرها لا يكفر بل يعذر فيها لعدم استفاضة علمها في العامة ونحوه.
قال في شرح الوجيز (4) في أول كتاب الجنايات: وأما التلازم بين العبادتين في الوجود فأمر لم يدعه السيد ولا حاجة له إلى ادعائها، وإنما ادعى الملازمة بين اعتقاد وجوب الصلاة وبين التصديق بوجوب الزكاة على الوجه الذي علم من الدين ضرورة، وخرج منكره عن الاسلام.
والظاهر إن غرضه ان منكر الضروري إنما يحكم بكفره لكون إنكاره ذلك كاشفا عن تكذيب الرسول صلى الله عليه وآله إنكار نبوته، لا أن ذلك الانكار في نفسه علة للحكم بالكفر، ولذلك لا يحكم بكفر من ادعى شبهة محتملة، ولو دل دليل على كفر من أنكر ضروريا من الدين (5) مخصوصا مطلقا لم يحكم (6)