كلاما استحسنه عن الخطابي، وهذا لفظه، قال - بعد تقسيم أهل الردة إلى ثلاثة أقسام -: فأما مانعو الزكاة منهم المقيمون على أصل الدين فأنهم أهل بغي، ولم يسموا على الانفراد منهم كفارا وإن كانت الردة قد أضيفت إليهم لمشاركتهم المرتدين في منع بعض ما منعوه من حقوق الدين، وذلك أن اسم الردة اسم لغوي، وكل من انصرف عن أمر كان مقبلا عليه فقد ارتد عنه، وقد وجد من هؤلاء القوم الانصراف عن الطاعة ومنع الحق وانقطع عنهم اسم الثناء والمدح بالدين، وعلق بهم الاسم القبيح لمشاركتهم القوم الذين كان ارتدادهم حقا.
ثم قال - بعد كلام في تقسيم خطاب الله - فإن قيل: كيف تأولت أمر الطائفة التي منعت الزكاة على الوجه الذي ذهبت إليه وجعلتهم أهل بغي؟! وهل إذا أنكرت طائفة من المسلمين في زماننا فرض الصلاة (1) والزكاة وامتنعوا من أدائها يكون حكمهم حكم أهل البغي؟!.
قلنا: لا، فإن من أنكر فرض الزكاة (2) في هذا الزمان كان (3) كافرا بإجماع المسلمين، والفرق بين هؤلاء وأولئك أنهم إنما (4) عذورا لأسباب وأمور لا يحدث مثلها في هذا الزمان، ومنها: قرب العهد بزمان الشريعة الذي كان يقع فيه تبديل الاحكام بالنسخ، ومنها: إن القوم كانوا جهالا بأمور الدين وكان عهدهم بالاسلام قريبا فدخلتهم الشبهة فعذروا، فأما اليوم وقد شاع دين الاسلام