لأرجمنك، ثم تناول الأسهم من عمامته فكسرها، وخالد ساكت لا يرد عليه ظنا أن ذلك عن أمر أبي بكر ورأيه، فلما دخل على (1) أبي بكر وحدثه صدقه (2) فيما حكاه وقبل عذره، فكان عمر يحرص (3) أبا بكر على خالد ويشير عليه أن يقتص منه بدم مالك، فقال أبو بكر: أيها (4) يا عمر! ما هو بأول من أخطأ! فارفع لسانك عنه (5)! ثم ودي مالكا من بيت مال المسلمين، انتهى.
فقوله ما هو بأول من أخطأ!.. صريح في أنه كان مخطئا في زعمه أيضا، وأما تصديقه وقبول عذره فكان للأغراض الدنيوية، وإلا فالتنافي بينه وبين قوله:
ما هو بأول من أخطأ، وأداء دية مالك من بيت المال (6) واضح.
وبالجملة، لم ينقل أحد من أرباب السير أن أبا بكر أنكر خطأ خالد، وإنما ذكروا أنه قال: لا أغمد سيفا سله الله على الكفار (7)، قيل: وذلك - على تقدير صحته - ليس إلا تمسكا بخبر موضع رووه مرسلا عن أبي هريرة الكذاب أن النبي صلى الله عليه وآله قال: نعم عبد الله، خالد سيف من سيوف الله.
وروى ذلك في خبر طويل يلوح من صدره إلى عجزه آثار الوضع (8)، والأظهر أنه ليس غرضه التمسك بالخبر، بل إنما جعله سيفا سله (9) الله على الكافر لمعاونته له على التسلط على الأخيار.