بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٤٨٠
إن الله تعالى قال لرسوله صلى الله عليه وآله: * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم..) * (1) الآية. قالوا (2): فوصف الله الصدقة بأنها من شأنها أن يطهر رسول الله صلى الله عليه وآله الناس ويزكيهم بأخذها منهم، ثم عقب ذلك بأن فرض عليه - مع أخذ الزكاة منهم - أن يصلي عليهم صلاة تكون سكنا لهم. قالوا:
وهذه صفات لا تتحقق في غيره، لان غيره لا يطهر الناس ولا يزكيهم بأخذ الصدقة، ولا إذا صلى على الناس كان صلاته سكنا لهم، فلم يجب علينا دفع الزكاة إلى غيره.
والجواب: إن كلام قاضي القضاة صريح في أن مالكا وأصحابه كفروا بالامتناع من الزكاة، واعتقادهم إسقاط وجوبها، ولو كان الحال كما ذكره من أنهم اعتقدوا سقوطها لشبهة ولم ينكروا وجوبها مطلقا لم يلزم كفرهم لانكار أمر معلوم من الدين ضرورة، وفي كلام ابن أبي الحديد (3) اعتراف بذلك، حيث قال: إنهم ما جحدوا وجوبها، ولكنهم قالوا: إنه وجوب مشروط، وليس يعلم بالضرورة انتفاء كونها مشروطة، وإنما يعلم ذلك بنظر وتأويل.
فبطل جواب القاضي ويتوجه إيراد السيد عليه.
وقد صرح غير ابن أبي الحديد - من أهل الخلاف - بأن مالكا وأصحابه لم يكفروا بمنعهم الزكاة، حكى شارح صحيح مسلم في المنهاج (4) في كتاب الايمان

(١) التوبة: ١٠٣.
(2) لا توجد: قالوا، في (س).
(3) في شرحه على النهج 17 / 208.
(4) المنهاج (وهو شرح صحيح مسلم للنووي)، ولم نجد نص العبارة، والذي فيه 1 / 202 نقلا عن الخطابي في شرح كلام أبي بكر، قال: مما يجب تقديمه في هذا أن يعلم أن أهل الردة كانوا صنفين:
صنف ارتدوا عن الدين ونابذوا الملة، وعادوا إلى الكفر، وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله:
وكفر من كفر من العرب، وهذه الفرقة طائفتان:
إحداهما: أصحاب مسيلمة من بني حنيفة وغيرهم الذين صدقوا على دعواه في النبوة...
والطائفة الأخرى: ارتدوا عن الدين، وأنكروا الشرائع، وتركوا الصلاة والزكاة وغيرها من أمور الدين...
والصنف الآخر: هم الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة، فأقروا بالصلاة وأنكروا وافرض الزكاة ووجوب أدائها إلى الامام، وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي، وإنما لم يدعوا بها الاسم في ذلك الزمان خصوصا لدخولهم في غمار أهل الردة، فأضيف الاسم في الجملة إلى الردة، إذ كان أعظم الامرين وأهمها..
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691