باطلا، فتعين أن يكون ما فعله وما قاله حقا كرهه عثمان فنفاه عن الحرمين، ومن كره الحق ولم يحب الصدق فقد كره ما أنزل الله في كتابه، لأنه أمر بالكون مع الصادقين، فقال: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) * (1).
ومنها: أن عبيد الله بن عمر بن الخطاب لما ضرب أبو لؤلؤة عمر الضربة التي مات فيها سمع ابن عمر قوما يقولون: قتل العلج أمير المؤمنين، فقدر أنهم يعنون الهرمزان - رئيس فارس - وكان قد أسلم على يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ثم أعتقه من قسمته من الفئ فبادر إليه عبيد الله بن عمر فقتله قبل أن يموت أبوه، فقيل لعمر: إن عبيد الله بن عمر قد قتل الهرمزان، فقال:
أخطأ، فإن الذي ضربني أبو لؤلؤة، وما كان للهرمزان (2) في أمري صنع، وإن عشت احتجت أن أقيده به، فإن علي بن أبي طالب لا يقبل منا الدية، وهو مولاه، فمات عمر واستولى عثمان على الناس بعده، فقال علي عليه السلام لعثمان: إن عبيد الله بن عمر قتل مولاي الهرمزان بغير حق، وأنا وليه الطالب بدمه، سلمه إلي لأقيده به؟. فقال عثمان: بالأمس قتل عمر وأنا أقتل ابنه أورد علي آل عمر ما لا قوام لهم به، فامتنع من تسليمه إلى علي عليه السلام شفقة منه - بزعمه - على آل عمر، فلما رجع الامر إلى علي عليه السلام هرب منه عبيد الله بن عمر إلى الشام فصار مع معاوية، وحضر يوم صفين مع معاوية محاربا لأمير المؤمنين فقتل في معركة الحرب ووجد متقلد السيفين يومئذ.
فانظروا - يا أهل الفهم - في أمر عثمان كيف عطل حدا من حدود الله تعالى لا شبهة فيه شفقة منه - بزعمه - على آل عمر ولم يشفق على نفسه من عقوبة تعطيل حدود الله تعالى ومخالفته، وأشفق على آل عمر في قتل من أوجب الله قتله وأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله.