صلى الله عليه وآله، حتى استولى عثمان فرده إلى المدينة وآواه، وجعل ابنه مروان كاتبه وصاحب تدبيره في داره، فهل هذا منه إلا خالفا على رسول الله صلى الله عليه وآله ومضادة لفعله؟ وهل يستجيز هذا الخلاف على رسول الله صلى الله عليه وآله والمضادة أفعاله إلا خارج عن الدين برئ من المسلمين؟ وهل يظن ذو فهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله طرد الحكم ولعنه وهو مؤمن؟ وإذا لم يكن مؤمنا فما الحال التي دعت عثمان إلى رده والاحسان إليه - وهو رجل كافر - لولا أنه تعصب لرحمه (1) ولم يفكر (2) في دينه، فحقت عليه الآية، قوله تعالى: * (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) * (3).
ومنها: إنه جمع ما كان عند المسلمين من صحف القرآن وطبخها بالماء على النار وغسلها ورمى بها إلا ما كان عند ابن مسعود، فإنه امتنع من الدفع إليه، فأتى إليه فضربه حتى كسر له ضلعين وحمل من موضعه ذلك فبقي عليلا حتى مات، وهذه بدعة عظيمة، لان تلك الصحف إن كان فيها زيادة عما في أيدي الناس، وقصد لذهابه ومنع الناس منه، فقد حق عليه قوله تعالى: * (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعلمون) * (4).
هذا، مع ما يلزم أنه لم يترك ذلك ويطرحه تعمدا إلا وفيه ما قد كرهه، ومن كره ما أنزل الله في كتابه حبط جميع عمله، كما قال الله تعالى: * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) * (5)، وإن لم تكن في تلك الصحف زيادة عما في أيدي