كثيرا، فقال عمر: والله إن كنت تساوي المسلمين في ذلك وإلا فارجع من حيث أتيت، فجرى بينهما كلام كثير غليظ، فغضب عمر - وكان سريع الغضب - فأخذ الكتاب من العباس ومزقه وتفل فيه ورمى به في وجه العباس، وقال: والله؟ لو طلبت منه حبة واحدة ما أعطيتك، فأخذ العباس بقية الكتاب وعاد إلى منزله حزينا باكيا شاكيا إلى الله تعالى والى رسوله، فصاح العباس بالمهاجرين والأنصار، فغضبوا لذلك وقالوا: يا عمر! تخرق كتاب رسول الله وتلقي به في الأرض، هذا شئ لا نصبر عليه. فخاف عمر أن ينخرم عليه الامر، فقال: قوموا بنا إلى العباس نسترضيه ونفعل معه ما يصلحه، فنهضوا بأجمعهم إلى دار العباس فوجدوه موعوكا (1) لشدة ما لحقه من الفتن والألم والظلم، فقال: نحن في الغداة عائدوه إن شاء الله تعالى ومعتذرون إليه من فعلنا، فمضى غد وبعد غد ولم يعد إليه ولا اعتذر منه، ثم فرق الأموال على المهاجرين والأنصار وبقي كذلك إلى أن مات.
ولو أخذنا في ذكر أفعاله لطال الكتاب، وهذا القدر فيه عبرة لأولي الا باب.
وأما صاحبهما الثالث، فقد استبد بأخذ الأموال ظلما على ما تقدم به الشرح في صاحبيه، واختص بها مع أهل بيته من بني أمية دون المسلمين، فهل يستحق هذا أو يستجيزه مسلم؟.
ثم إنه ابتدع أشياء أخر:
منها: منع المراعي من الجبال والأودية وحماها حتى أخذ عليها مالا باعها به من المسلمين.
ومنها: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نفى الحكم بن العاص - عم عثمان - عن المدينة، وطرده عن جواره فلم يزل طريدا من المدينة ومعه ابنه مروان أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وأيام أبي بكر وأيام عمر يسمى: طريد رسول الله