أهل مكة؟. فقال: لا. قالت: فبحقي عليك إلا ما أخبرتني بحالك.. فقص عليها قصته مع ابن جذعان وما قاله وما وعده من الضيافة، فقالت: يا ولدي! لا تضيقن صدرك، معي مشار (1) عسل يقوم لك بكل ما تريد، فبينما هما في الحديث إذ دخل أبو طالب رضي الله عنه، فقال لزوجته: فيما أنتما؟. فأعلمته بذلك كله، وبما قال النبي صلى الله عليه وآله لا بن جذعان، فضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه، وقال: يا ولدي! بالله عليك لا تضيقن صدرك من ذلك، وفي نهار غد أقوم لك بجميع ما تحتاج إليه إن شاء الله تعالى، وأصنع وليمة تتحدث بها الركبان في سائر البلدان، وعزم على وليمة تعم سائر القبائل، وقصد نحو أخيه العباس ليقترض من ماله شيئا يضمه إلى ماله، فوجد بني عبد الطلب في الطريق فأقرضوه من الجمال والذهب ما يكفيه، فرجع عن القصد إلى أخيه العباس، وآثر التخفيف عنه، فبلغ أخاه العباس ذلك فعظم عليه رجوعه، فأقبل إلى أخيه أبي طالب - وهو مغموم كئيب حزين - فسلم عليه، فقال له أبو طالب: ما لي أراك حزينا كئيبا؟. قال: بلغني أنك قصدتني في حاجة ثم بدالك عنها فرجعت من الطريق، فما هذه الحال؟. فقص عليه القصة.. إلى آخرها، فقال له العباس: الامر إليك، وإنك لم تزل أهلا لكل مكرمة وموئلا (2) لكل نائبة، ثم جلس عنده ساعة وقد أخذ أبو طالب فيما يحتاج إليه من آلة الطبخ وغير ذلك، فقال له العباس: يا أخي! لي إليك حاجة؟. فقال له أبو طالب: هي مقضية، فاذكرها، فقال العباس: أقسمت عليك بحق البيت وشيبة الحمد (3) إلا ما (4) قضيتها، فقال:
(٣٦٧)