تعالى أن يجعل لي باب إلى المسجد أتشرف بها على من سواي؟. فقال له عليه وآله السلام: يا عم! ليس إلى ذلك سبيل. فقال: فميزابا يكون من داري إلى المسجد أتشرف به على القريب والبعيد. فسكت النبي صلى الله عليه وآله - وكان كثير الحياء - لا يدري ما يعيد من الجواب خوفا من الله تعالى وحياء من عمه العباس، فهبط جبرئيل عليه السلام في الحال على النبي صلى الله عليه وآله - وقد علم الله سبحانه ما في نفسه صلى الله عليه وآله من ذلك -، فقال: يا محمد (ص)! إن الله يأمرك أن تجيب سؤال عمك، وأمرك أن تنصب له ميزابا إلى المسجد كما أراد، فقد علمت ما في نفسك وقد أجبتك إلى ذلك كرامة لك ونعمة مني عليك وعلى عمك العباس، فكبر النبي صلى الله عليه وآله وقال: أبى الله إلا إكرامكم يا بني هاشم وتفضيلكم على الخلق أجمعين، ثم قام ومعه جماعة من الصحابة والعباس بين يديه حتى صار على سطح العباس، فنصب له ميزابا إلى المسجد وقال: معاشر المسلمين! إن الله قد شرف عمي العباس بهذا الميزاب فلا تؤذوني في عمي، فإنه بقية الآباء والأجداد، فلعن الله من آذاني في عمي وبخسه حقه أو أعان عليه.
ولم يزل الميزاب على حاله مدة أيام النبي صلى الله عليه وآله وخلافة أبي بكر وثلاث سنين من خلافة عمر بن الخطاب، فلما كان في بعض الأيام وعك (1) العباس ومرض مرضا شديدا وصعدت الجارية تغسل قميصه فجرى الماء من الميزاب إلى صحن المسجد، فنال بعض الماء ثوب الرجل، فغضب غضبا شديدا وقال لغلامه: اصعد واقلع الميزاب، فصعد الغلام فقلعه ورمى به إلى سطح العباس، وقال: والله لئن رده أحد إلى مكانه لأضربن عنقه، فشق ذلك على العباس ودعا بولديه عبد الله وعبيد الله ونهض يمشي متوكئا عليهما - وهو يرتعد من شدة المرض - وسار حتى دخل على أمير المؤمنين عليه السلام، فلما نظر إليه أمير المؤمنين عليه السلام انزعج لذلك، وقال: يا عم! ما جاء بك وأنت على هذه