بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٣٦٤
تعالى أن يجعل لي باب إلى المسجد أتشرف بها على من سواي؟. فقال له عليه وآله السلام: يا عم! ليس إلى ذلك سبيل. فقال: فميزابا يكون من داري إلى المسجد أتشرف به على القريب والبعيد. فسكت النبي صلى الله عليه وآله - وكان كثير الحياء - لا يدري ما يعيد من الجواب خوفا من الله تعالى وحياء من عمه العباس، فهبط جبرئيل عليه السلام في الحال على النبي صلى الله عليه وآله - وقد علم الله سبحانه ما في نفسه صلى الله عليه وآله من ذلك -، فقال: يا محمد (ص)! إن الله يأمرك أن تجيب سؤال عمك، وأمرك أن تنصب له ميزابا إلى المسجد كما أراد، فقد علمت ما في نفسك وقد أجبتك إلى ذلك كرامة لك ونعمة مني عليك وعلى عمك العباس، فكبر النبي صلى الله عليه وآله وقال: أبى الله إلا إكرامكم يا بني هاشم وتفضيلكم على الخلق أجمعين، ثم قام ومعه جماعة من الصحابة والعباس بين يديه حتى صار على سطح العباس، فنصب له ميزابا إلى المسجد وقال: معاشر المسلمين! إن الله قد شرف عمي العباس بهذا الميزاب فلا تؤذوني في عمي، فإنه بقية الآباء والأجداد، فلعن الله من آذاني في عمي وبخسه حقه أو أعان عليه.
ولم يزل الميزاب على حاله مدة أيام النبي صلى الله عليه وآله وخلافة أبي بكر وثلاث سنين من خلافة عمر بن الخطاب، فلما كان في بعض الأيام وعك (1) العباس ومرض مرضا شديدا وصعدت الجارية تغسل قميصه فجرى الماء من الميزاب إلى صحن المسجد، فنال بعض الماء ثوب الرجل، فغضب غضبا شديدا وقال لغلامه: اصعد واقلع الميزاب، فصعد الغلام فقلعه ورمى به إلى سطح العباس، وقال: والله لئن رده أحد إلى مكانه لأضربن عنقه، فشق ذلك على العباس ودعا بولديه عبد الله وعبيد الله ونهض يمشي متوكئا عليهما - وهو يرتعد من شدة المرض - وسار حتى دخل على أمير المؤمنين عليه السلام، فلما نظر إليه أمير المؤمنين عليه السلام انزعج لذلك، وقال: يا عم! ما جاء بك وأنت على هذه

(1) قال في مجمع البحرين 5 / 298: الوعك: الحمى، وقيل: ألمها، والموعوك: المحموم.
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691