ثم خرجوا أبوابهم جميعا غير باب النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام، فأظهر الناس الحسد والكلام، فقال عمر: ما بال رسول الله (ص) يؤثر ابن عمه علي بن أبي طالب ويقول على الله الكذب، ويخبر عن الله بما لم يقل في علي؟! وإنما سأل محمد صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب وأجابه إلى ما يريد، فلو سأل الله ذلك لنا لاجابه، وأراد عمر أن يكون له باب مفتوح إلى المسجد، ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله قول عمر وخوض الناس والقوم في الكلام، أمر المنادي بالنداء إلى: الصلاة جامعة، فلما اجتمعوا قال لهم النبي صلى الله عليه وآله:
معاشر الناس! قد بلغني ما خضتم فيه وما قال قائلكم، وإني أقسم بالله العظيم إني لم أقل على الله الكذب ولا كذبت فيما قلت، ولا أنا سددت أبوابكم، ولا أنا فتحت باب علي بن أبي طالب (ع)، ولا أمرني في ذلك إلا الله عز وجل الذي خلقني وخلقكم أجمعين، فلا تحاسدوا فتهلكوا، ولا تحسدوا الناس على ما آتاهم الله من فضله، فإنه يقول في محكم كتابه: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) * (1) فاتقوا الله وكونوا من الصابرين، ثم صدق الله رسوله بنزول الكوكب من السماء على دار علي بن أبي طالب عليه السلام، وأنزل الله سبحانه قرآنا، وأقسم بالنجم تصديقا لرسوله صلى الله عليه وآله، فقال: * (والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى..) * (2) الآيات كلها، وتلاها النبي صلى الله عليه وآله فلم يزدادوا إلا غضبا وحسدا ونفاقا وعتوا واستكبارا، ثم تفرقوا و (3) في قلوبهم من الحسد والنفاق ما لا يعلمه إلا الله سبحانه.
فلما كان بعد أيام دخل عليه عمه العباس وقال: يا رسول الله! قد علمت ما بيني وبينك من القرابة والرحم الماسة، وأنا ممن يدين الله بطاعتك، فاسأل الله