أجابه الله تعالى، فقال: ومن جعل إليك ذلك؟ ومن ولاك أنت (1) حتى تستخلف عليهم غيرك؟! فقد تقلد الظلم في حياته وبعد وفاته.
ثم إن قوله: تخوفوني بالله..! إما هو دليل على استهانته بملاقاة الله تعالى، أو يزعم أنه زكي عند الله برئ من كل ذلة (2) وهفوة، وهذا مخالفة لقوله تعالى، فإنه قال: * (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) * (3).
ثم إنه لم يكتف بذلك حتى شهد لعمر أنه خير القوم، وهذا مما لا يصل إليه مثله ولا يعرفه.
ثم إنه ختم ذلك بالطامة الكبرى أنه أمر وقت وفاته بالدفن مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بيته وموضع قبره وجعل - أيضا - بذلك سبيلا لعمر عليه، فإنه فعل كما فعله، وصيرت العامة ذلك منقبة لهما بقولهم: ضجيعا رسول الله (ص)، ومن عقل وميز وفهم علم أنهما قد جنيا على أنفسهما جناية لا يستقيلانها أبدا، وأوجبا على أنفسهما المعصية لله ولرسوله والظلم الظاهر الواضح، لان الله سبحانه قد نهى عن الدخول إلى بيوت النبي صلى الله عليه وآله إلا بإذنه، حيث يقول: * (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) * (4) والحال في ذلك بعد وفاته كالحال في حياته، إلا أن يخص الله عز وجل ذلك أو رسوله، فإن كان البيت الذي فيه قبر رسول الله صلى الله عليه وآله للرسول خاصة فقد عصيا الله بدخولهما إليه بغير إذن الرسول صلى الله عليه وآله، وختما أعمالهما بمعصية الله تعالى في ذلك، وإن كان البيت من جملة التركة، فإما أن يكون كما زعموا أنه صدقة أو يكون للورثة، فإن كان صدقة فحينئذ يكون لسائر المسلمين لا يجوز أن يختص واحد دون واحد، ولا يجوز أيضا شراؤه من المسلمين ولا