فقتل مقاتلهم، وسبى ذراريهم، واستباح أموالهم، وجعل ذلك فيئا للمسلمين، وقتل خالد بن الوليد رئيس القوم: مالك بن نويرة، وأخذ امرأته فوطأها من ليلته تلك (1) واستحل الباقون فروج نسائهم من غير استبراء.
وقد روى أهل الحديث جميعا بغير خلاف عن القوم الذين كانوا مع خالد أنهم قالوا: أذن مؤذننا وأذن مؤذنهم، وصلينا وصلوا، وتشهدنا وتشهدوا، فأي ردة ها هنا؟! مع ما رووه أن عمر قال لأبي بكر: كيف نقاتل قوما يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله (ص): فإذا قالوها حقنوا دماءهم وأموالهم؟!.
فقال: لو منعوني عقالا مما كانوا يدفعونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لقاتلتهم - أو قال: لجاهدتهم -، وكان هذا فعلا فظيعا في الاسلام وظلما عظيما، فكفى بذلك خزيا وكفرا وجهلا، وإنما أخذ عليه عمر بسبب قتل مالك بن نويرة، لأنه كان بين عمر وبين مالك خلة أوجبت المعصية (2) له من عمر.
ثم رووا جميعا أن عمر لما ولي جمع من بقي من عشيرة مالك واسترجع ما وجد عند المسلمين من أموالهم وأولادهم ونسائهم، ورد ذلك جميعا عليهم.
فإن كان فعل أبي بكر بهن خطأ فقد أطعم المسلمين الحرام من أموالهم وملكهم العبيد الأحرار من أبنائهم (3)، وأوطأهم فروجا حراما من نسائهم، وإن كان ما فعله حقا فقد أخذ عمر نساء قوم ملكوهن بحق فانتزعهن من أيديهم غصبا وظلما وردهن إلى قوم لا يستحقونهم بوطئهن حراما من غير مباينة وقعت ولا أثمان دفعت إلى من كن عنده في تملكه، فعلى كلا الحالين قد أخطئنا جميعا أو أحدهما،