فالتوى السوط على عضدي حتى صار كالدملج، وركل (1) الباب برجله فرده علي وأنا حامل فسقطت لوجهي (2) والنار تسعر وتسفع (3) وجهي، فضربني بيده حتى انتثر قرطي من أذني، وجاءني المخاض فأسقطت محسنا قتيلا بغير جرم، فهذه أمة تصلي علي؟! وقد تبرأ الله ورسوله منهم، وتبرأت منهم. فعمل أمير المؤمنين (ع) بوصيتها ولم يعلم أحدا بها فأصنع (4) في البقيع ليلة دفنت فاطمة عليها السلام أربعون قبرا جددا.
ثم إن المسلمين لما علموا بوفاة فاطمة ودفنها جاؤوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام يعزونه بها، فقالوا: يا أخا رسول الله (ص)! لو أمرت بتجهيزها وحفر تربتها.
فقال عليه السلام: قد وريت ولحقت بأبيها صلى الله عليه وآله وسلم (5).
فقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، تموت ابنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله ولم يخلف فينا ولدا غيرها، ولا نصلي عليها! إن هذا لشئ عظيم.
فقال عليه السلام: حسبكم ما جنيتم على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وعلى أهل بيته ولم أكن - والله - لأعصيها في وصيتها التي أوصت (6) بها في أن لا يصلي عليها أحد منكم، ولا بعد العهد فأعذر، فنفض القوم أثوابهم، وقالوا لا بد لنا من الصلاة على ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله، ومضوا من فورهم إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا جددا، فاشتبه عليهم قبرها عليها السلام بين تلك القبور فصح الناس ولام بعضهم بعضا، وقالوا: لم تحضروا وفاة بنت نبيكم ولا